الصحافة _ كندا
في مواجهة أزمة حادة تهدد شريان الاقتصاد الألماني، وجدت شركات النقل في ألمانيا ضالتها خارج حدود الاتحاد الأوروبي. شركة “كابا” للخدمات الشخصية، ومقرها مدينة ماينز، أطلقت مشروعًا غير مسبوق يستهدف سائقين مهنيين من المغرب، لتغطية النقص المهول في سائقي الشاحنات والحافلات، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع بعد الحرب في أوكرانيا.
الرهان الألماني الجديد لم يأتِ اعتباطًا. فوفقًا لبيرند ألبرخت، مدير “كابا”، لم تعد أوروبا قادرة على تزويد السوق بما يكفي من السائقين. فالدول التي كانت يومًا مصدّرة مثل إسبانيا والبرتغال، تحولت بدورها إلى محتاجة، ومع اقتراب انتهاء الحرب في أوكرانيا، يُتوقع أن يعود العديد من السائقين الشرقيين إلى بلدانهم، ما قد يُحدث “عاصفة نقص” جديدة في قطاع النقل الألماني.
لذلك، تم تصميم برنامج متكامل يستهدف السائقين المغاربة، يمتد من 12 إلى 16 أسبوعًا، يشمل تكوينًا لغويًا، تدريبات نظرية وعملية في ألمانيا، والحصول على رخص القيادة الألمانية، مع تغطية كافة الإجراءات الإدارية، وصولًا إلى الاندماج الفعلي في سوق العمل.
البرنامج لا يكتفي بالتدريب، بل يربط الشركات الألمانية مباشرة بالمرشحين المغاربة من خلال مقابلات افتراضية أو أيام توظيف داخل المغرب، ويتيح فترة تحضير تمتد لأشهر قبل الانطلاق في العمل.
وفي الوقت الذي تضع فيه ألمانيا ثقتها في كفاءات المغرب، تتبنى شركة كبرى في جنوب البلاد أولى خطوات التعاقد، في مؤشر واضح على نجاح النموذج. فالسائق المغربي، الذي لطالما جال بين طرقات الأطلس، بات اليوم مؤهلاً ليس فقط لقيادة شاحنة ألمانية، بل لقيادة تحول استراتيجي في سوق الشغل الأوروبي.
هكذا يتحول السائق المغربي من مجرد باحث عن عمل، إلى طرف فاعل في إنقاذ واحدة من أكبر اقتصادات العالم من أزمة لوجستية حقيقية.