الصحافة _ كندا
في مفارقة صارخة تُثير الغضب، يتربع المغرب على ثروة سمكية هائلة تمتد عبر 3500 كيلومتر من الشواطئ، لكنه في الوقت نفسه يشهد أسعارًا خيالية للأسماك تُرهق جيوب المواطنين. فكيف يعقل أن يكون السردين – الذي يُفترض أنه الأرخص – يتأرجح بين 20 و30 درهمًا، بينما يباع مباشرة من قبل بعض الشباب بأسعار لا تتجاوز 5 دراهم؟!
النائب البرلماني أحمد العبادي، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، لم يتردد في دق ناقوس الخطر، موجهًا سؤالًا كتابيًا إلى زكية الدرويش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، حول هذا الوضع المقلق. العبادي كشف أن مبادرة شاب في مراكش ببيع السمك بأسعار معقولة فجّرت موجة واسعة من التفاعل الوطني، وسلطت الضوء على ما كان مستترًا: المضاربة والاحتكار والجشع الذي يضاعف الأسعار بلا حسيب ولا رقيب.
وأكد العبادي أن السبب الرئيسي وراء الغلاء الفاحش لا يكمن في قلة العرض أو تقلبات السوق، بل في شبكات الوسطاء والمضاربين الذين يُضخمون هوامش أرباحهم بشكل غير مشروع، فيما المواطن يُترك ليواجه الأسعار النارية، وكأن السمك صار سلعة كمالية بدل أن يكون جزءًا من الأمن الغذائي الوطني.
ورغم أن الوزارة الوصية تتباهى برقمنة المزادات العلنية، وإحداث العشرات من أسواق البيع بالجملة في الموانئ وخارجها، إلا أن المواطن لم يلمس أي أثر إيجابي لهذه الإجراءات. فالسؤال الجوهري الذي طرحه العبادي يبقى معلقًا: أين المراقبة الحقيقية لسلاسل التوزيع؟ وأين محاربة الاحتكار والتخزين غير المشروع؟ أم أن الحكومة تُخلي مسؤوليتها تحت ذريعة العرض والطلب، تاركة السوق في قبضة لوبيات المصالح الضيقة؟
الكرة الآن في ملعب الوزارة والحكومة برمتها، فإما التحرك الجدي لوقف هذا النزيف الاقتصادي الذي ينهك المغاربة، أو استمرار الصمت والتواطؤ مع قوى الاحتكار، مما يزيد من تأجيج الغضب الشعبي تجاه هذا العبث الممنهج في قطاع حيوي يُفترض أن يكون في خدمة المواطن وليس في خدمة جيوب المضاربين.