الصحافة _ كندا
في تجاهل واضح للأصوات الناقدة داخل القطاع، خرجت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور مجددًا ببلاغ رسمي منتصف أبريل الجاري، تُعلن فيه عن تسجيل “أرقام قياسية” في عدد السياح الوافدين على المملكة، معتبرة ذلك دليلاً قاطعًا على نجاح الاستراتيجية المعتمدة من طرف الوزارة.
لكن خلف هذا الخطاب الترويجي، تتصاعد تساؤلات مشروعة من داخل الأوساط المهنية والبرلمانية، بل وحتى من داخل الأغلبية الحكومية نفسها، حول الغياب الملموس للأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذه “الطفرة الرقمية” المعلنة.
ففي خطوة لافتة، وجه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد الرحمان الوافا، سؤالًا كتابيًا إلى الوزيرة، عبّر فيه عن قلقه من اتساع الفجوة بين الأرقام المُعلنة والواقع الميداني، مشيرًا إلى أن مدنًا سياحية كبرى تعيش اكتظاظًا خانقًا، دون أن ينعكس ذلك على حركية الاقتصاد المحلي أو على سوق الشغل الذي يظل جامدًا.
الوافا، ورغم انتمائه للأغلبية، لم يتردد في انتقاد ما أسماه بـ”غياب العدالة المجالية” في توزيع عائدات السياحة، مؤكداً أن ارتفاع عدد السياح لا يعني بالضرورة نجاحًا اقتصادياً إن لم يصاحبه ارتفاع في جودة الخدمات ومعدل إنفاق السائح.
ورغم إعلان الوزارة عن استقبال 4 ملايين سائح خلال الربع الأول من سنة 2025، بزيادة 22% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، إلا أن النائب شدد على أن هذا الارتفاع الكمي لم يُقابله أي تحول نوعي في نمط السياحة ولا في مساهمتها في التنمية المحلية أو التشغيل القار.
وفي هذا السياق، دعا الوافا إلى الكشف عن رؤية الوزارة بخصوص تنويع العرض السياحي، خاصة في مجالات السياحة الإيكولوجية والثقافية وسياحة الأعمال، مطالباً بإجابات واضحة حول إجراءات ملموسة تضمن استفادة الجماعات المحلية من هذه الدينامية السياحية، وتُترجم على شكل مناصب شغل ودخل قار للسكان.
خرجة النائب تُعيد وزيرة السياحة إلى دائرة المساءلة السياسية، خاصة في ظل اعتمادها المتكرر على خطاب رقمي يُراكم المؤشرات دون طرح أثر ملموس على أرض الواقع.
ورغم ذلك، واصلت عمور خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب أمس الإثنين، التمسك بنفس النغمة، معلنة أن أزيد من 160 ألف تأشيرة إلكترونية تم إصدارها سنة 2024 لفائدة سياح من 111 جنسية، بزيادة 6% عن العام الماضي.
وأكدت أن هذا “التطور الإيجابي”، كما وصفته، يأتي في إطار تنفيذ خارطة الطريق 2023-2026، التي تراهن على تعزيز جاذبية المملكة وتنويع الأسواق السياحية، لا سيما عبر فتح خطوط جوية جديدة، ورفع طاقة النقل بنسبة 20%، والتوجه نحو أسواق غير تقليدية مثل آسيا وأمريكا.