الصحافة _ كندا
تعيش آلاف الأسر المغربية هذه الأيام على وقع معاناة صامتة، عنوانها العجز عن اقتناء أدوية أصبحت فجأة خارج القدرة الشرائية. موجة غلاء جديدة ضربت الأسواق، لكن هذه المرة أصابت أكثر ما يمس حياة الناس: أدوية الأمراض المزمنة كالسُّكري وضغط الدم، ما زاد من الضغط النفسي والمادي على فئات واسعة من المواطنين، خصوصًا من ذوي الدخل المحدود والفئات الهشة.
الارتفاع المفاجئ في الأسعار دفع فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب إلى التحرك، حيث وجهت النائبة فدوى محسن الحياني سؤالاً كتابيًا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تطالبه فيه بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الغلاء، والإجراءات الفعلية التي تعتزم الحكومة اتخاذها لضبط السوق، بل ودعت إلى مراجعة شاملة للقوانين التي تؤطر قطاع الأدوية.
الخبراء في القطاع الصحي لا يخفون قلقهم، ويعزون ما يحدث إلى اعتماد مفرط على الاستيراد، سواء للمنتجات الجاهزة أو المواد الأولية، مما يجعل السوق الوطنية رهينة لتقلبات الأسعار العالمية وتكاليف الشحن، وسط ضعف واضح في التصنيع المحلي رغم توفر وحدات صناعية محلية لا تزال محدودة الأثر.
الصيادلة من جهتهم دقوا ناقوس الخطر، مشيرين إلى أن المرضى باتوا يدخلون الصيدليات ويخرجون منها خاليي الوفاض، فقط لأن ثمن الدواء لم يعد في متناولهم. وأكدوا أن الأزمة تزداد سوءًا يوما بعد يوم، مع تراجع القدرة الشرائية وغياب أي دعم مباشر للفئات المتضررة.
وتأتي هذه الأزمة في سياق دولي متوتر، تتسم فيه الأسواق العالمية باضطراب في سلاسل التوريد، ما يعمق من الأزمة محليًا. وهو ما يجعل تدخل وزارة الصحة ضرورة مستعجلة، لا مجرد رد سياسي على سؤال برلماني.
المغاربة لا يطلبون المستحيل، بل حقهم الدستوري في العلاج. والمرحلة لم تعد تحتمل التسويف. إصلاح حقيقي بات مطلوبًا، يبدأ بتشجيع التصنيع الوطني للأدوية، ويمر عبر إعادة النظر في سياسة التسعير، ولا ينتهي إلا بوضع آلية مراقبة صارمة تضمن وصول الأدوية للمواطنين بسعر معقول وظروف تحفظ كرامتهم.