الصحافة _ كندا
في أول خروج له بعد الخطاب الملكي، حاول عزيز أخنوش، رئيس الحكومة وزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، أن يُقدّم نفسه كقائد سياسي متماسك ومُسيطر على الوضع، لكن مضمون رسالته إلى وزرائه وبرلمانيي حزبه كشف عن شيء آخر تمامًا: ارتباك واضح، ووعي متأخر بحجم الغضب الشعبي والضعف السياسي الذي يطبع أداء حكومته.
أخنوش دعا برلمانيي حزبه إلى “الحضور القوي” في مناقشات قانون المالية لسنة 2026، وإلى “شرح الحصيلة الحكومية للمواطنين”، وكأنه يعترف ضمنيًا بأن هذه الحصيلة لم تصل بعد إلى الناس، وأن التواصل الحكومي فشل في ترجمة الأرقام والشعارات إلى نتائج ملموسة في حياة المواطنين. فالواقع الاجتماعي والاقتصادي اليوم لا يحتاج إلى “تفسير”، بل إلى تصحيح.
أما رسالته إلى الوزراء، فكانت أقرب إلى تذكير متأخر بواجبات المسؤولية، حين قال: “الملك تكلم على التسريع، وهاد الكلمة كبيرة، خاص الوزراء يتحركو بسرعة، ينزلو للتيران، يسمعو للناس”.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: أين كان هذا “التحرك” طيلة السنوات الثلاث الماضية؟ أليس “النزول إلى الميدان” هو ما كان يُفترض أن يميز حكومة تتفاخر بأنها حكومة الكفاءات والفعالية؟
الملك دعا في خطابه إلى تسريع التنمية الترابية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن يبدو أن رئيس الحكومة فهم الرسالة من زاوية انتخابية لا إصلاحية، فبدل أن يُعلن مراجعة شجاعة لسياسات حكومته التي عمّقت التفاوتات، اختار أن يعبّئ حزبه استعدادًا لمعركة انتخابية مبكرة.
تصريحات أخنوش تُظهر أن هاجسه الحقيقي ليس تصحيح أعطاب الأداء الحكومي، بل الحفاظ على تماسك حزبه وتلميع صورته قبل نهاية الولاية. فحين يُوجّه الخطاب إلى البرلمانيين بضرورة “الدفاع عن الحصيلة”، بدل “محاسبة الذات”، فهذا يعكس عقلية التبرير لا الإصلاح.
في الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة حلولاً ملموسة لأزمة الأسعار، والصحة، والتعليم، والبطالة، يختار رئيس الحكومة أن يتحدث بلغة الحملات الانتخابية، وكأن البلاد في موسم اقتراع دائم.
إن دعوة الملك إلى التسريع كانت رسالة موجهة للحكومة كي تنتقل من الكلام إلى الفعل، لا كي تُسابق الزمن لتبييض صورتها.
باختصار، عزيز أخنوش لم يتحدث كـ“رئيس حكومة”، بل كـ“رئيس حزب” يستعد لمعركة سياسية، في حين أن ما يحتاجه المغرب اليوم هو رئيس حكومة يُنقذ الثقة، لا من يسعى لتأجيل سقوطها.