الصحافة _ كندا
بينما يدخل المغرب مرحلة الإعداد المبكر للانتخابات البرلمانية المقبلة، بدا رئيس الحكومة عزيز أخنوش غير متضايق من المواقف المنتقدة لبعض البرامج الحكومية، حتى عندما تصدر من داخل مكونات الأغلبية نفسها. فقد سبق لوزراء قياديين، مثل نزار بركة، أن وجهوا انتقادات علنية لملف دعم اللحوم واستيراد الأغنام، دون أن يثير ذلك توتراً معلناً داخل التحالف.
في أحدث خرجة إعلامية له، حرص أخنوش على الفصل بين مستويين: أجندة الحكومة التي اعتبرها قائمة على الانسجام والتماسك بين مكوناتها، وأجندة الأحزاب السياسية التي منحها حرية التعبير والتواصل مع المواطنين، حتى وإن تضمنت انتقادات أو اختلافات في الرؤى. واعتبر أن هذه “الحرية” لا تتعارض مع تماسك التجربة الحكومية، بل تندرج ضمن طبيعة العمل السياسي.
لكن مع اقتراب موعد الانتخابات، يتوقع أن تتسارع وتيرة الخطاب السياسي داخل الأغلبية، إذ من المنتظر أن ينخرط وزراء وقادة حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال في الدفاع عن حصيلة وزاراتهم بالدرجة الأولى، بينما يراهن أخنوش على تقديم الإنجازات كحصيلة جماعية للأغلبية الثلاثية.
غير أن هذه المعادلة تطرح إشكاليات جدية: فالتواصل الانتخابي سيفرض على كل حزب تقديم وعود جديدة لجمهوره، قد تتناقض أحياناً مع خطاب “الانسجام” الحكومي، أو تعيد تسليط الضوء على محدودية بعض البرامج الاجتماعية والاقتصادية التي لم تحقق أهدافها. وهو ما يفتح الباب أمام جدل داخلي قد يضعف قدرة الأغلبية على التوجه نحو استحقاقات 2026 بصف واحد.
في المحصلة، يظهر أن أخنوش اختار منح فسحة للأحزاب المكونة للأغلبية كي تمارس معارضة “ناعمة” من داخل الحكومة، في محاولة للتوفيق بين الحفاظ على تماسك التجربة الحكومية، وتمكين الحلفاء من الدفاع عن مواقعهم الانتخابية المقبلة. لكن الرهان الحقيقي سيتضح مع اشتداد الحملة الانتخابية، حيث سيصعب الجمع بين خطاب الوحدة الحكومية ومتطلبات التنافس الانتخابي.
