أخنوش يكمم أنفاس “سامير”.. ويترك المغاربة تحت رحمة لوبي المحروقات!

17 أكتوبر 2025
أخنوش يكمم أنفاس “سامير”.. ويترك المغاربة تحت رحمة لوبي المحروقات!

الصحافة _ كندا

في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات الشارع مطالبة بالعدالة الاجتماعية والسيادة الاقتصادية، تعود قضية مصفاة “سامير” لتكشف الوجه العميق للأزمة البنيوية التي يعيشها النموذج التنموي المغربي: حكومة تتفرج على انهيار مؤسسة سيادية، وحكومة تصمت أمام احتضار الشريان الطاقي الوحيد للمملكة.

قبل أيام، وجّه المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل رسالة نارية إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تحذره فيها من “الانتهاك المتواصل لأصول سامير” ومن “التواطؤ بالصمت مع التلاشي الممنهج لمؤسسة وطنية كانت رمزاً للسيادة الاقتصادية منذ الاستقلال”.
الرسالة، التي تحمل الرقم 301/2025 وتوقيع عبد القادر الزاير، لم تكن مجرد مراسلة إدارية روتينية، بل صرخة مدوية في وجه حكومة تتعامل مع الكارثة وكأنها حادث عرضي.

تقول الكونفدرالية في مذكرتها إن المغرب يتكبد خسائر لا تُحصى منذ إغلاق المصفاة سنة 2015، ليس فقط في كلفة استيراد الوقود، ولكن في ضياع الخبرات الوطنية وتفكيك رصيد صناعي استراتيجي بُني على مدى عقود. وتؤكد أن “إنقاذ سامير لم يعد مطلباً نقابياً بل خياراً وطنياً يفرض نفسه اليوم قبل الغد”.

لكن أخنوش ـ رجل الأعمال القادم من عالم المحروقات ـ يواصل صمته وكأن الأمر لا يعنيه. صمتٌ لا يمكن عزله عن واقع السوق، حيث تُراكم شركات التوزيع، التي ينتمي بعضها لنفس المجال، أرباحاً فاحشة تجاوزت 80 مليار درهم منذ تحرير الأسعار سنة 2015، وفق معطيات النقابة الوطنية للبترول والغاز.

أرباح تتضخم كلما ارتفعت الأسعار الدولية، بينما تُحمَّل الأسر المغربية كلفة الغلاء والخصاص في التكرير الوطني.

الكاتب العام للنقابة، الحسين اليماني، وصف الوضع بدقة حين قال: “ما يجري ليس سوقاً حرة بل اقتصاد ريعي منظّم يخدم مصالح محددة”.
الربح هنا ليس نتاج كفاءة أو إنتاج، بل نتيجة احتكار وتواطؤ صامت يتيح بيع لتر الغازوال بفارق 2.4 درهم عن كلفته الحقيقية، ولتر البنزين بـ3.27 درهم إضافية، أي ما يعادل ربع السعر النهائي الذي يدفعه المواطن.

في المقابل، تغيب الحكومة عن المشهد، وتغفو مؤسسات الرقابة كما لو كانت في إجازة مفتوحة.
لا مجلس منافسة يصدر تقاريره في الوقت المناسب، ولا حكومة تبادر بقرارات سيادية تعيد الاعتبار لتكرير النفط داخل التراب الوطني، ولا إرادة سياسية تضع مصلحة المواطن فوق مصالح اللوبيات.

إن قضية “سامير” ليست مجرد ملف اقتصادي، بل مرآة كاشفة لحدود الدولة في مواجهة رأس المال حين يتحول إلى سلطة موازية.
هي اختبار لمفهوم السيادة في زمن العولمة، ولجدية الحكومة في حماية الأمن الطاقي والاجتماعي للمغاربة، بعد عقد كامل من الصمت والتردد.

لقد تحولت مصفاة المحمدية من معلمة وطنية إلى رمز للإهمال الرسمي، ومن مشروع استراتيجي إلى قبر لطموحات الصناعة الوطنية. وما لم تُتخذ قرارات سياسية جريئة لإعادة تشغيلها وضمان استمراريتها، فإننا نتجه نحو تعميق التبعية النفطية وتوسيع الفجوة الاجتماعية التي تغذي اليوم غضب الشارع واحتجاجات الشباب.

لذلك، لم تعد المسألة تهم العمال وحدهم، ولا النقابات فقط، بل تخص كرامة دولة وشعب. فحين يُغلق صرح وطني بهذا الحجم وسط الصمت، وحين تُغيب الكفاءات الوطنية لصالح استيراد النفط الخام من الخارج بأسعار مضاعفة، فإن الأزمة لم تعد اقتصادية… بل سياسية بامتياز.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق