الصحافة _ كندا
يواصل رئيس الحكومة عزيز أخنوش انسحابه الممنهج من ساحة المساءلة، متفادياً الحضور إلى البرلمان ومتجاهلاً الإعلام، في سلوك يكشف خواءً سياسياً صارخاً وغياباً مقلقاً للحد الأدنى من الجرأة الديمقراطية التي يفترض أن يتحلى بها من يقود السلطة التنفيذية.
رئيس حكومة الذي يُفترض فيه أن يكون في قلب المواجهة السياسية، تحوّل إلى “رئيس صامت” يتوارى خلف البلاغات الرسمية والصور البروتوكولية، بينما البلاد تغلي على وقع الغلاء، والاحتقان الاجتماعي، والاختراقات السيبرانية، وفشل سياسات الدعم، وتراجع الثقة في المؤسسات.
البرلمان، الذي يشكل الفضاء الدستوري الأول للمحاسبة، يشهد غياباً متكرراً وغير مبرر لرئيس الحكومة، في خرق سافر للفصل 100 من الدستور، واستخفاف بمبدأ التوازن المؤسساتي. فهل يحق لرئيس حكومة أن يدير ظهره لنواب الأمة في عز أزمة سياسية واجتماعية خانقة؟ وهل يُعقل أن يتحصن بالصمت كلما اشتدت الأسئلة وتضاعفت المطالب؟
النواب من المعارضة، وعلى رأسهم إدريس السنتيسي ومصطفى إبراهيمي، لم يترددوا في التعبير عن سخطهم من هذا الغياب المهين، معتبرين أن أخنوش يحرم الرأي العام من حقه الدستوري في المعرفة والمساءلة، ويضرب بمبدأ الشفافية عرض الحائط، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تواصل سياسي مسؤول، لا إلى هروب تكتيكي جبان.
الأدهى من ذلك، أن رئيس الحكومة لا يكتفي بتجاهل البرلمان، بل ينأى بنفسه عن أي حوار إعلامي جدي، متجنباً الظهور في منصات حقيقية تطرح الأسئلة المزعجة، مفضلاً خرجات دعائية موجهة، تُدار بإحكام بعيداً عن الصحافة الحرة والنقاش العمومي.
فأين هي الشجاعة السياسية التي يقتضيها المنصب؟ وأين هي القيادة التي تزعم تمثيل المغاربة وتدبير أزماتهم؟ بل أين هو احترام الدستور ومؤسسات الدولة التي يُفترض أن يكون أول المدافعين عنها؟
في ظل هذا الصمت المريب والتواري المستمر، يتعاظم السؤال: هل أخنوش رئيس حكومة بالفعل؟ أم ظِلٍّ سياسي يتفادى كل مواجهة حقيقية؟