أخنوش يبيع الوهم: الحماية الاجتماعية في خطاب الحكومة إنجاز وفي واقع المغاربة معاناة

27 مايو 2025
أخنوش يبيع الوهم: الحماية الاجتماعية في خطاب الحكومة إنجاز وفي واقع المغاربة معاناة

الصحافة _ كندا

في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، خرج رئيس الحكومة عزيز أخنوش بتصريحات وُصفت بأنها تسويقية أكثر منها تقييمية، حين أعلن أن الحكومة نجحت في تحقيق مقاصد الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية. غير أن هذا الادعاء، الذي جاء بلغة مزخرفة تخاطب الخيال أكثر من الواقع، يصطدم بحقائق مريرة يعيشها المواطن المغربي يوميًا، في ظل أعطاب بنيوية ما زالت تعرقل قيام منظومة حماية اجتماعية عادلة وفعالة.

رئيس الحكومة لم يقدم أرقامًا دقيقة أو مؤشرات ميدانية تؤكد هذا “النجاح” المعلن. بل اكتفى بترديد مفاهيم فضفاضة من قبيل “دولة اجتماعية حديثة” و”عدالة اجتماعية” دون أن يشرح كيف تتجسد هذه المبادئ في ظل استمرار معاناة الأسر الفقيرة في الولوج إلى العلاج، واستفحال الفوارق المجالية، وضعف التغطية الصحية الفعلية، وغياب أي أثر ملموس للإصلاحات المزعومة على معيش المواطنين.

أخنوش تحدث عن السجل الاجتماعي الموحد وكأنه عصا سحرية قادرة على إنهاء كل الاختلالات، بينما في الواقع، لا تزال آلاف الأسر تعاني من صعوبات في التسجيل، والتأخر في صرف الدعم، وغياب المتابعة الميدانية. فأين هو هذا الإنجاز الحكومي الذي يُبشر به؟ وهل أصبح امتلاك قاعدة بيانات كافيا لنعلن قيام الدولة الاجتماعية؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تغليفًا تقنيًا لعجز سياسي هيكلي عن بلورة سياسات عمومية منصفة وناجعة؟

واقع الحماية الاجتماعية في المغرب لا يحتاج إلى تزويق بلاغي، بل إلى مواجهة شجاعة مع المعطيات: المستشفيات العمومية تعاني، دعم الفئات الهشة لا يصل في الوقت المناسب، والبرامج الاجتماعية تتحول إلى ملفات بيروقراطية تُرهق المواطنين بدل أن تخفف عنهم. الحكومة مطالبة بأن تقدم حصيلة دقيقة لا أن تتحدث بلغة العناوين الكبرى التي لا تغير شيئًا في حياة الناس.

إن أخطر ما في خطاب رئيس الحكومة ليس فقط تغييبه للوقائع، بل محاولته تحويل الورش الملكي إلى رصيد سياسي خاص به، في حين أن هذا المشروع انطلق بإرادة ملكية واضحة، وكان يفترض أن تترجمه الحكومة إلى إجراءات ملموسة على الأرض، لا أن تكتفي باستثماره خطابيا لإخفاء فشلها في استباق الأزمات الاجتماعية وتقديم حلول عادلة ومستدامة.

إذا كان هناك من نجاح، فهو نجاح الدولة في الحفاظ على تماسك الحد الأدنى وسط سياق اقتصادي واجتماعي متقلب، أما الحكومة، فلا يمكنها الادعاء بأنها حققت أهداف الورش الملكي بينما ملايين المغاربة لا يزالون يتساءلون عن جدوى هذه السياسات، وينتظرون إنصافًا حقيقيًا، لا خطابات مطمئنة فوق المنصات البرلمانية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق