محسن بوعسرية
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا حيويا في نشر وترويج الأخبار الصحفية على اعتبار أن مختلف الجرائد الإلكترونية والورقية تملك منصات وقنوات عبر هذه الوسائل وكذلك تعتبر عالم افتراضي يسكن فيه الصالح مع الطالح والمجرم مع الضحية في بيئة تغيب فيها الآلة التشريعية تحضر فقط عند في مناسبات جرائم الإرهاب وتتعطل في جرائم الأخلاق والأحداث واستغلال جسد المرأة بمختلف الطرق ؛ لأن هاجس المادة والشهرة جعل هذه الوسائل تزيغ عن الهدف الإيجابي الذي أنشئت من أجله وطغى عليه الجانب السلبي الذي سيطر على محتوى هذه المادة الإعلامية العصرية.
اليوم واقع الحال مقلق ومخيف حان الوقت لضبطه، مع الإيمان التام بأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مؤثرة في المجتمع المغربي ، لكن سيرها على هذا النهج الذي تسير بموجبه مسألة خطيرة ويجب العمل على علاجها وضبطها قانونيا .
ويجب على مؤسسات صناعة القرار الإعلامي تدارك استمرارية خطورة هذه الوسائل بحالة الفوضى التي تعمل بها، وما تنشره من رداءة تمس بالأخلاق العامة وتؤدي بالشباب اليافع إلى الدمار الشامل على حياته خاصة أن أغلبية المغاربة هم في سن 14سنة يتوفرون على حسابات الفايسبوك والانستغرام… ، و هذه الوسائل اصبحت تنشر كل ما هو ممنوع من المشاهدة على هذه الفئة من صور خليعة وفديوهات إباحية وفديوهات يتوفر فيها كلام نابي أو فيديوهات الجرائم الشنيعة كالدبح وحمل السلاح …. إن استمرارها في هذه الفوضى اللاخلاقية ، سيعيد بخطوات الإعلام المغربي المهني الذي يعدّ مدرسة في كثير من دول العالم، سيعيدها للخلف، فلا بد من أخذ اجراءات حاسمة توقف حالة العشوائية التي تمر بها هذه الوسائل وتقود معها واقع نشر وتبادل المعلومات.
الأمر الذي يدفعنا بمطالبة الحكومة المغربية بتقنين هذه الوسائل الحديثة للتواصل الاجتماعي التي لازالت تتطور يوما بعد يوم مما يحتم على الآلة التشريعية التدخل العاجل لمعالجة هذه الفوضى الرديئة حتى تكون في مستوى تطورها بسن قانون خاص بوسائل التواصل الاجتماعي يضبط عمل هذه الوسائل ونهج سياسة اعلامية هادفة مبنية على الوعي وتثقيف وبناء الأجيال الحالية والقادمة كحل مثالي وايجابي، وسيدفع باتجاه ترتيب هذا البيت الذي باتت عشوائيته تضر بالصالح العام، اضافة إلى ضرورة ادخال التربية الإعلامية في المدارس من أجل توعية الشباب بمخاطر هذه الوسائل ، من أجل التعرف على سبل فضلى للتعامل مع وسائل الإعلام ومع المعلومات بشكل عام، اضافة إلى توفير المعلومة الصحيحة وتدريب بعض الناشطين في آلية التعامل مع المعلومات بشكل لا يمنع النشر إنما يعززه بالوثائق والمصداقية.
لأن التركيز على وسائل الإعلام ورفع سوية عملها لأقصى درجاته، ومنحها مساحة أكثر اتساعا، واطلاق العنان لها كسلطة رابعة، حتما سيقلل من حضور هذه الوسائل ويخفف من انتشارها الذي سيقود حتما لإنتهاء انتشار الأكاذيب والإشاعات التي من شأنها زعزعة الثقة بالمعلومة المحلية، فكل ما ينشر كذبا سيتم نفيه من مصادره، وبالنفي ارباك للمسؤول وللمشهد الإعلامي برمته.
ولذلك يطرح السؤال في هذا المضمار لماذا لم تعان الدولة المغربية مثل بعض الدول التي تعنى بهذه الوسائل كالصين على سبيل المثال منها والتي عملت على الحد من تبعاتها السلبية بنهج سياسة محكمة للتواصل الإجتماعي، سواء في الشق المتعلق بتبادل المعلومات الخاطئة أو نشر الفيديوهات عبر منصات هذه الوسائل بحضر كل ما هو مخالف لقيم المجتمع الصيني، أو بحجم الإستهلاك لوسائل التواصل الإجتماعي الذي وصل في مجتمعاتنا لدرجة الإدمان عند البعض، أو لجهة الوقت الذي يقضى أمام الشاشات، مرجعين ذلك لحاجتنا لآليات مختلفة في توفير المعلومة وتعزيز دور الإعلام المحترف، لسد الطريق أمام تحوّل وسائل التواصل الإجتماعي الى إعلام بديل ينشر الإشاعات والأكاذيب واغتيال الشخصية معنويا وغيرها من الممارسات السلبية.
ومن جانبنا نؤكد أن بوصلة الاعلام المغربي تعيش حالة من التخبط خلال المرحلة الحالية نظرا لتعدد وسائل النشر الناتجة عن ثورة الاتصال، وهذا جعل من المعلومة الصحيحة مسلمة من مسلمات المرحلة الحساسة التي نعيش فالامر لا يحتاج مزيدا من التخبط أو الفوضى ونشر معلومات خاطئة ومضللة حتما يغيب أي اتجاهات ايجابية بالمجتمع.