الصحافة _ سعيد جعفر
الفيزازي للعسري: “لماذا تحدثت عن شورت البلجيكيات ولم تتحدث عن شورتات الشابات في تاونات التي تمثلها و عن الفتيات في البحر وهن لا يلبسن إلا 4 سنتمترات من الخلف و أقل من الأمام”.
عندما أراد الخليفة العباسي هارون الرشيد اغتيال المولى ادريس الأول لم يجد أفضل من جرير الشماخ فقيه البلاط العباسي وكاتب خطبه الدينية.
وعندما أراد الخليفة الموحدي يعقوب المنصور الموحدي وقف اجتهادات أبو الوليد بن رشد في أمور الدولة والسياسة لم يجد أفضل من الفقيه السني ابن الصلاح ليصدر فتوى “تأليب العوام على شؤون الخواص” التي سينفى بموجبها أبا الوليد وتحرق كتبه.
فللإسلاميين حيل فقهية تصل حد تلبيس الدعوة إلى التشدد والتطرف و الوصاية على الغير بالدعوة إلى نقيضها، ويسمى عندهم هذا “بالاستقلاب”، وهو عندهم قلب الدعوة من ظاهرها إلى متضمنها، وأيضا يعرفونها “برد الفروع إلى أصولها”، ومثاله سد الذرائع و الاستصلاح وغيره.
مناسبة هذا التنبيه هو تعليق السيد محمد الفيزازي على رد فعل البرلماني علي العسري تجاه شورت الشابات البلجيكيات.
حسب موقع آشكاين فقد قال السيد الفيزازي معلقا على تصريحات العسري ما يلي:” بدل أن يتكلم هذا البرلماني عن المرأة البلجيكية التي لها عادات في اللباس، لماذا لم تتكلم عن دوبياس المغربيات في البحر، كم من إمرأة مغربية تتمشى عارية تماما بالبحر أو لا تلبس سوى 4 سنتمترات من الأمام ولاشيء من الخلف”، متسائلا عن “السر في انتقاد البرلماني بلجيكيات ممن ترتدين سراويل قصيرة (شورت)، ولم يفعل ذلك عن مغربيات يرتدينه أمام عينيه بتاونات”.
ماذا يمكن أن نفهم من قول الفيزازي هذا؟
لنكن واضحين لا يقصد الفيزازي انتقاد العسري وتنبيهه إلى مغبة وخطورة ما صرح به.
قد يبدو هذا ظاهريا أو لمن لا يفهم حيل فقهاء الإسلاميين القدامى والمعاصرين.
وقد يظهر أن الفيزازي يهدف إفحام دعوى العسري ويرفضها أو على الأقل يحرجه، لكن ليس ذلك ما يريده إذ لو أراده لذهب صوبا إلى رفض دعواه لضررها على صورة البلاد.
ولو أنه فعلها فما كان ضروريا التمهيد لها بهذا التوجيه الفقهي.
يطبق هنا الفيزازي حيلة فقهية معروفة هي الاستقلاب والتقييد، وهي مغالطة لغوية و فقهية يلجأوون إليها للتغليط و للتحويط على المطلوب، ومرادهم منها إعادة تعيين القول ورده إلى أصله.
إن هذا ما يمكن استنتاجه بصراحة من قول الفيزازي “لماذا توجه البرلماني إلى أجنبيات ولم يفعل ذلك مع مغربيات يرتدينه أمامه بتاونات” ومن قوله “لماذا لم يتكلم هذا البرلماني عن دوبياس المغربيات في البحر، فكم من امرأة مغربية تتمشى عارية تماما بالبحر أو لا تلبس سوى 4 سنتيمات من الأمام ولا شيء من الخلف”.
فالفيزازي يقول صراحة للعسري يجب عليك التوجه أولا للمغربيات اللواتي يرتدين الشورتات في تاونات ثم التوجه للمغربيات في البحر اللواتي تتمشين عاريات حسب قوله بقياسات حددها بدقة مابين 4 سنتمترات أماما و أقل خلفا.
إن من تربى في مجامع الإسلاميين و في زوايا وجوامع ومدارس تعليمهم و تكوينهم وتربيتهم يفهم هذا التوجيه جيدا.
إنه جوهر مبدأ “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، و خطته كالتالي:
– يجب أن تبدأ من نفسك ثم أسرتك ثم عائلتك فقريتك أو مدينتك ثم بلدك ثم الأمة الإسلامية.
إن عودة لمنهاج الحركات الدعوية بالمغرب باب “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” يؤكد هذا الأمر، وعودة لأدبيات الإسلاميين كما هي عند منظري الحركة الإسلامية عربيا ومغربيا تؤكد ذلك.
إنها عملية توزيع أدوار مخدومة، يتكلف جزء بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في داخليا (حدود المدينة (تاونات في التدوينة) ووطنيا (المدن الشاطئية في فصل الصيف))، و جزء يتكلف بالخارج (السائحات بالمغرب: علي العسري في تعليقه على شورت البلجيكيات و خريجو جمعية دور القرآن بمراكش الذين زجوا رأس سائحتين اسكندنافيتين بجبل شمهروش بجبال توبقال).
جزء ينظر فكريا وسياسيا (فقهاء وشيوخ وسياسيون) وجزء ينفذ من القتلة المباشرين كأبي الجود وصحبه.
ولهذا لن نستغرب إذا أحد الذئاب المنفردة طبق حرفيا مضمون تصريح الفيزازي ضد شابات بالشورت في تاونات أو ضد شابات بلباس البحر في إحدى شواطئ المملكة المغربية فيما تبقى من عطلة الصيف.
مع ملاحظة أن التصريح يتضمن تحديدا لقياس لباس البحر الذي يجب على البرلماني وغيره تغييره كمنكر.
نحتاج مزيدا من اليقظة الفكرية قبل الأمنية وهذا دور المثقفين في تفكيك خطاطة التشدد الديني والعقدي.