نصف قرن بعد المسيرة الخضراء… المغرب يحسم معركة الصحراء بالدبلوماسية والبناء الميداني

8 نوفمبر 2025
نصف قرن بعد المسيرة الخضراء… المغرب يحسم معركة الصحراء بالدبلوماسية والبناء الميداني

الصحافة _ كندا

بعد مرور خمسين عامًا على ملحمة المسيرة الخضراء، تبدو عقارب الزمن السياسي في قضية الصحراء المغربية وكأنها تدور هذه المرة في اتجاه الحسم التاريخي، حسمٍ يكرّس ما بنته المملكة بالصبر والحكمة والإرادة الملكية الراسخة على مدى نصف قرن.

فالقرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025 لم يكن حدثًا روتينيًا كما حاول خصوم المغرب الترويج له، بل تحوّل استراتيجي عميق في ميزان الشرعية الدولية، إذ وضع حدًا نهائيًا لسراب “الاستفتاء” وأقرّ ضمناً بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الإطار الواقعي والوحيد للحل السياسي الدائم.

هذا التحول لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة رؤية ملكية متبصّرة جعلت من الدفاع عن الوحدة الترابية أولوية وطنية لا تخضع للمزايدة، ومن الدبلوماسية المغربية مدرسة في التدرج والواقعية، لا في الصخب والشعارات. إنها سياسة النفس الطويل التي تشتغل بالنتائج لا بالضجيج، وبالميدان لا بالمزايدات.

تقرير معهد إلكانو الملكي الإسباني، وهو من أهم مراكز التفكير في مدريد، عبّر عن هذا الواقع الجديد بوضوح حين عنون تحليله بـ: “الصحراء الغربية.. كل الأوراق في يد المغرب”.
المعهد أقرّ بأن الرباط أصبحت صاحبة المبادرة على كل المستويات: السياسية والعسكرية والدبلوماسية، وحتى الرمزية. فمنذ عودتها الموفقة إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، إلى انسحاب عشرات الدول من الاعتراف بالكيان الانفصالي، إلى توسع الاعتراف الدولي بالحكم الذاتي، لم يعد أحد في العالم يشك في أن المغرب يمسك بمفاتيح الملف من طنجة إلى الكويرة.

التحول لم يكن فقط سياسياً، بل تنموياً وإنسانياً. فالمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، أعاد رسم الجغرافيا على الأرض، لا على الورق.
من العيون إلى الداخلة، تنتصب بنية تحتية من الجيل الجديد: طرق سيارة، موانئ ضخمة، مناطق لوجستية وصناعية، مشاريع للطاقة النظيفة، ومدنٌ حديثة تُجسّد على الأرض مفهوم “الجهات المتقدمة”.
الداخلة اليوم ليست فقط بوابة الصحراء، بل منصة الأطلسي نحو إفريقيا والعالم، ومختبر النموذج التنموي الجديد الذي جعل من الإنسان محور التنمية ومن الوحدة الترابية عنوانًا للتنمية المستدامة.

أما على المستوى الدولي، فقد نجح المغرب في تحويل ميزان الخطاب. فبعد أن كانت قضيته تُقدَّم في المنتديات الدولية كملف نزاع، أصبحت تُعرض اليوم كقصة نجاح دبلوماسي وإنساني لدولة استطاعت أن توفّق بين الشرعية التاريخية والشرعية الواقعية.
إنها دبلوماسية مغربية بهدوءها وصرامتها، أعادت تعريف مفهوم “القوة الناعمة” في إفريقيا والمتوسط، وأثبتت أن احترام السيادة لا يتعارض مع الشراكة، بل يؤسس لها.

ويختم الباحث الإسباني خيسوس نونييث فيّلافيردي مقاله بعبارة تختزل المشهد:

“ما تبقى من مسار النزاع ليس سوى تفاصيل في يد المغرب.”

وهو اعتراف غير مسبوق من مؤسسة أوروبية مرموقة بأن المملكة نجحت في فرض منطقها بالحكمة والميدان معاً، وأن العالم بات يدرك أن الصحراء ليست فقط قضية حدود، بل قضية وجود وكرامة وطنية راسخة.

اليوم، وبعد نصف قرن على المسيرة الخضراء، يمكن القول إن المغرب لم يربح فقط معركة الأرض، بل ربح معركة التاريخ، وأثبت للعالم أن الوحدة ليست شعاراً يُرفع، بل مشروعًا يُبنى جيلاً بعد جيل تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق