بقلم: عبد المجيد مومر*
قالت الرَّاقِصَة :
إن المجتمع المغربي يعيش اليوم مخاضا عسيرا و محاولة لإجهاض النقاش بالتهديد والوعيد والسب، والذي لن يزيد الوضع إلا تأزما.و أن خفافيش الظلام ستكون المستفيد الأول من الوضع، و أنا أناشِدُ جميع الأحرار والمؤمنين بالكرامة الإنسانية الصمود للانتصار لقيم المواطنة الكاملة، والخروج من زمن التخلف والظلمات إلى التحرر.
قال السياسي :
وَ تَذَكَّرِي يا جميلة ، فَمَنْ مِنَّا لاَ يَتَذَّكَر ؟! .. تذَكَّري يا نبيلة أحداث تلكَ المسيرة المعلومة ، حين أصدر محمد العبادي أمره بوضع جارية اليسار بين نساء الجماعة ، فاِمْتَثَلَت التقدمية النبيلة دون مقاومة لِفتوى كهنوت الخرافة الياسينية ، و بكل أريحية تنكرت لقيم الحداثة و المساواة بين المرأة والرجل ..
تذكري يا نبيلة أن كثرة الهَمِّ هي التي أضْحكَتْنا حينذاك. و لعلَّ تَمَثُّلاَت الهَمِّ المُضْحِك-المُبْكِي تَمَظْهَرَت في سكوتِ جارية اليسار النبيلة عن ذِكْرِ حداثة الكلامِ المُباحِ أمامَ أوامر فتوى شَهْرَيارِ الخُرافَة السَّفَّاحِ .. و ما عساها تفعل مِيسْ نبيلة غير ارتداء لون السواد الذي يعشقُهُ الحاكِم بِأمْرِ اللاَّتِ ؟!
تذكري مع هذه الزيادة في تِبْيَانِ معالمٍ على طريق زواج المتعة السياسي بين جارية اليسار العاري و شيخ ولاية السفيه الكاسي .. فَفِي ظلالِ مسيرة جماعة الإِفْكِ و البُهْتَانِ ، تبادلَ عُشَّاقُ اليَسار و الخُرافة قُبُلات المُداعَبَة المُؤَدْلَجَة بِعَدْلٍ و إحسانٍ … و كانَ مولودُ نِكَاحِ المسيرةِ المشبوهةِ جَنِينًا سياسيًا لقيطًا سَيَتِمُّ إِلْحَاقُ نَسَبِهِ بِإبْن فِراشِ العشق الظلامي الممنوع ..
قالت الرَّاقصة :
إن الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، من حقه إطلاق مبادرة لدعوة التنظيمات اليسارية في المجتمع والنقابات والأحزاب لبحث أفق جديد للعمل المشترك، لكن حسب علمي فمبادرته لم تلق تجاوبا حتى من طرف الاتحاديين، وهم أهل الدار، بعد مشاركة الاتحاد في حكومة التناوب الديمقراطي دون ضمانات واستمر في المشاركة بباقي الحكومات دون هدف، وبعدما لعب لشكر أدوارا سياسية مشبوهة.
قال السياسي :
هَايْ هَايْ يا نبيلة .. لن يَنفعك فَنُّ ” حَشْيانْ لْهَضْرَة “، و يَكْفيكِ ما تقومِين به من قرصنة حزبية مفضوحة لإستراتيجية النضال الديمقراطي التي استشهد من أجلها أيقونة الفكر الاشتراكي عمر بنجلون ، و التي بسَببِها تَمَّ تَخْوِين القائد الفقيد السي عبد الرحيم بوعبيد من طرف رِفاقِك المُتَيَاسِرِين الذين نراهم اليوم قد تَحَوَّلوا – دون مثقال ذرة حياء أو إستحياء – إلى تمجيد النهج البوعبيدي بعد انتكاسة أطروحاتهم المتطرفة الجاهلة بمطالب الشعب الحقيقية .. و لعل واقع الحال أتبث بما يكفي أن دكاكِينَكُم السياسية ما هي – بالمَجَازِ المُبين- إلاَّ حَجَرٌ صغيرٌ تَمَّ وضعُه في حذاء الاتحاد الاشتراكي الكبير، قصد عرقلة مسار وَحْدَة المبادرة اليسارية الإصلاحية.
قالت الراقصة :
المشكل ليس في طرح مبادرة التجميع أو إعادة بناء اليسار أو الكتلة الديمقراطية أو غيرها، فنحن داخل فيدرالية اليسار في سيرورة بناء وحدة الحزب اليساري الكبير، ومنفتحين على كل الحساسيات اليسارية الجادة والديمقراطية والتقدمية.
قال السياسي :
آهٍ من نار الشِّفَاهِ السَّاخِنة يَا نبيلة .. وَ مَتَى كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مجرد حساسية ؟!! .. بل هو الاتحاد مدرسة اليسار الرائدة و مشتل الفكرة التقدمية المغربية و عنوان انتصار اليسار الوطني الحداثي . فَكُونِي واثقةً أَنَّهُ لنْ يَكفيكِ كلُّ تلك المساحيق التَّجْمِيلِيَّة التي تغطي بشاعة تَيَاسُر الخَوَاءِ المعرفي و التَّقليد . و لعلَّ مُحْتَوى الأرضية التأسيسية لأفكاركم غير المُوَحَّدة ، يبرز بوضوح مدى شَسَاعة كباريه الجهل المُرَكَّب الذي تَرْقُصين فيه يا زميلة المنظر محمد الساسي ، ذاك الطَبَّال المغبون الذي جالس فؤاد علي الهمة بِأمَلِ الإِدْمَاجِ و الإِنْدِمَاج ، و الذي حضر إلى “لمَّة مراكش” من أجل جمع شمل ما تبقى من فلول الرَّهْطِ المفتون بجمال الرقصة السياسية النبيلة ! لله دَرُّكِ يا جميلة ، ما الذي فَعَلْتِهِ بعقولهم يا زعيمة اليسار الفوقي اللاشعبي ؟! ..
قالت الراقصة :
لا يكفي الدعوة إلى مبادرة ما؛ بل يجب أن يسبقها نقد ذاتي وموضوعي واعتراف بما ارتكب من أخطاء، ولا يمكن أن يبني أي تحالف أو تجمع كيفما كان دون هذا النقد، ودون الوقوف على مكامن الخلل، فبعدما كنا نتكلم عن المشكل الكبير المتمثل في فقدان الثقة من طرف المواطنين في السياسيين الذين مارسوا السياسية بهذا الشكل، اليوم هناك مشكل فقدان مصداقية بعض الجهات والأشخاص في المشهد السياسي.
قال السياسي :
بالتأكيد يا نبيلة .. إن الواجب الأخلاقي يُلْزِمُ زميلةَ الساسي بتقديم نقد ذاتي و ذلك بسبب ماضيها الأسود في الترويح لأيديولوجية العنف المُقَنّع و إذكاء نار المواجهات و المزايدة بالشباب و التحريض على المأساة و الهروب من تحمل المسؤولية (أحداث الحسيمة نموذجا ) ،حيث تم التغرير بشباب يجهل مكامن هذا الاستغلال بسبب انْسِياقِهِ العاطفي وراء خطاب سياسوي ينهل من قاموس التضليل الخَدَّاع . و كذلك اليوم نجد بعض الشباب اليساري لا زال مصيرهم السياسي مرتبط بِغُنْجِ الخِطابِ و دَلاَلِ أفكار الراقصة اليسارية النبيلة و معها سُفَهاء التحريف السياسوي باسم قيم اليسار و حقوق الإنسان .
فماذا سيَكفيكِ يا زعيمة اليسار الفوقي اللاشعبي ؟؟؟
دون تردد !!! سيكون جواب ولاد الشعب أَنَّ ” الذي يَكفيكِ .. هو الذي فيكِ” مثلما يقول المثل المغربي الشعبي.
هذه – إذن – كانت مشاهد حِوَارية الراقصة و السياسي ؛ حيث تَحْضُر استعارة الحَرْفِ و مجاز الأسلوب و يغيب تأثير اللاَّيف و السْبونْسورِينْغ..غير أن الجواب الكبير الذي يُقَدِّمُهُ تيار ” ولاد الشعب ” إلى الرفيقة نبيلة يَتَعَلَّقُ موضوعُهُ بالسؤال المطروح حول المعنى السياسي للعقل اليساري الوطني في زمن الثورة الصناعية الرابعة؟! ، لأن الاهتمام بالمَظْهَرِ مَعَ إِهْمَالِ الجَوْهَرِ يُؤَسِّسُ فِعْلاً لبُروزِ مُقاربة ” نُخْبَوِيَّة يسارية ” جَاهِلَة على حزب الاتحاد الاشتراكي..
و لأنَّ المُناسبة شرط ، لا بد من تذكير الزعيمة الجميلة الأنيقة أن العيب الحقيقي هو تَحَجُّر عقلياتِ فيدرالية اليسار ، و عجزها التام عن إحقاق الوثبة الثقافية قصد بلوغ مرحلة تنقية الذات مما علق بها من ثِقَل تاريخي ، و تجاوز هذا النزاع المفتعل الذي يروم تحريض الماضي على الحاضر أو العكس . وثبة ثقافية تفتح ورش المصالحة و الوحدة و التَّجَدُّد المُنْفَتِحِ من خلال منح الفرصة التاريخية للشباب اليساري المبادر بمسؤولية من أجل إبداع أنماط فكرية وصيغ نضالية متطورة تضمن استكمال بناء مشروع يساري وطني حداثي مُوَحَّد مرتبطِ بالقضايا الحقيقية للجماهير الشعبية ، مشروع إشتراكي ديمقراطي بخصائص مغربية ينهل من قيم المساواة و الحرية و العدالة الاجتماعية لكي يستطيع إحقاق الانتصار الديمقراطي للقوات الشعبية.
هكذا -إذن- .. كانت هذه الحِوارية مدخلاً للرد الواضح و الصريح على التَّمايُلات الإعلامية لراقِصة اليسار الفوقي اللاشعبي، التي لا تستطيع تحريرَ عَقْلِها المُتَيَاسِر من ألَاَعِيبِ التضليل و التحريف بصناعة الأوهام . و التي -أيضا – ليست لها الإرادة الكافية القادرة على خلخلة جمودها الثقافي المُعاكِس لِسُنَّة التطور باسم دوغمائية اليسار المتطرف أو تحت غطاء التحريف المُؤَدْلَج، و الذي جعلت منه الرفيقة نبيلة حاجزاً فكريًا مانعًا لارتقاء الوعي الجمعي للأجيال اليسارية الصاعدة.
و كذلك هكذا كانت حِوَارية الراقصة و السياسي ، تذكيرًا بمواقف سابقة يُجَدِّدُ تيار ولاد الشعب التعبير عنها في مواجهة كل المُنافِحِينَ عن رعايةِ الجمود المعرفي و الثقافي، و احتضان خطاب التطرف السياسوي ، مع إحباط الطاقات اليسارية الشابة عبر نشر فصول رواية ” الأصولية المُتَيَاسِرة” التي تعيش على تناقضات صراع الماضي ، أو بخطابات التضليل و العدمية التي ينبغي مُحاصرتها بعزيمة الواثق من ملامسة انتصار المستقبل ، انتصار القوات الشعبية في توطيد دعائم مجتمع التقدم و الديمقراطية .
فالعقليات المُتَيَاسِرة الماضوية تفضح فظاعة عجز اليسار الفوقي اللاَّشعبي عن رفع التحديات الحقيقية التي يواجِهُها الشباب المغربي ، وإفراز البديل الحداثي التقدمي من خلال تجاوُز فعل التيئيس وتحفيز بواعث الأمل في نجاح مشروع المصالحة و الوحدة و التَّجَدُّدِ المُنْفَتِحِ.
و منه نختم بالتأكيد على أن قُوَّةَ الفكر الإشتراكي الديمقراطي الاتحادي – في عُمْقِها الثقافي المُتَنَوِّر – هِيَ هذا التَّسَلُّحُ الدائم والواثق بالقدرة على إنجاز التَّجَدُّد الحداثي ،من خلال التَّكَيف مع المُسْتَجَد دونَ الانْشِدادِ إلى دُوغْمائِيَّة اليسار الفوقي اللاَّشعبي، هذه الدُّوغْمَائِية التي لم تسْفِر إلا عن تَقَوْقُعٍ دَاخِلِي يكتفي بِاسْتِحْلاَءِ لحظة ” الصَّدْمَة وَ الرُّعْب ” حين يَتَوالَى الحديثُ عن الحَدَاثَة و مَا بَعْدَهَا و مَا بَعْدَ بَعْدِهَا.
# الحداثة الشعبية هي الحل
*عبد المجيد مومر الزيراوي: رئيس تيار ولاد الشعب بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.