الصحافة _ كندا
في تصعيد خطير للهجمات السيبرانية على المملكة، عرفت مجموعة من المواقع الرسمية لقطاعات حكومية مغربية، ليلة السبت، اختراقات منسقة تسببت في تعطيل خدمات حيوية، أبرزها موقع وزارة الفلاحة، وموقع مديرية الضرائب، وموقع الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، وسط صمت رسمي حول هوية الجهة المهاجمة.
الهجمات، التي وصفها الخبراء بأنها من نوع “الحرمان من الخدمة الموزع” (DDOS)، خلفت أثراً واضحاً على سير الخدمات العمومية الرقمية، في مشهد بات يتكرر بشكل مقلق في الأسابيع الأخيرة، عقب تسريبات واسعة لمعطيات حساسة من مؤسسات عمومية.
الخبير في الأمن السيبراني والنظم الرقمية، حسن خرجوج، أوضح في تصريح لجريدة “هسبريس” أن طبيعة الهجمات تدل على استعمال شبكة واسعة من الحواسيب المخترقة لإغراق المواقع المستهدفة بطلبات وهمية، ما يؤدي إلى إرباك الخوادم وتوقفها عن العمل. وأشار خرجوج إلى أن هذه الهجمات قد تؤثر على ترتيب المواقع المغربية في نتائج البحث عبر محركات كـ”غوغل”، ما يضعف حضورها الرقمي، خاصة في ظل غياب نسخ احتياطية أو خطط استرجاع سريعة.
وفي إشارة واضحة إلى الجهة المشتبه فيها، حمّل خرجوج المسؤولية للجزائر، مبرزاً أن العملية نُفذت بتقنية متقدمة تُعرف باسم Kill Chain، حيث يتم أولاً اختراق قواعد البيانات، ثم المرور إلى مرحلة تدمير الخدمة، لخلق نوع من الفوضى الرقمية عبر فتح جبهات اختراق متعددة في آنٍ واحد.
التحقيقات التقنية أظهرت أن اختيار وقت متأخر من الليل لتنفيذ الهجمات لم يكن صدفة، بل جزء من خطة دقيقة تستغل لحظات ضعف التغطية التقنية الليلية في المؤسسات العمومية.
وفي السياق ذاته، أكد الطيب الهزاز، خبير آخر في الأمن السيبراني، أن ما حدث صباح الأحد ليس مجرد خلل، بل “هجوم منظم” شاركت فيه ميليشيات رقمية تعمل بتوجيه من جهات رسمية في الجزائر. وقال الهزاز: “لاحظت شخصياً تنسيقاً داخل مجموعات قرصنة تنشط في المنطقة المغاربية، تشير إلى نية ضرب المواقع المغربية لمدة 15 يوماً متواصلة”.
ووصف الهزاز الهجمات بأنها تهديد مباشر للسيادة الرقمية الوطنية، داعياً إلى “ردود فعل مغربية حاسمة”، وتعبئة شاملة لكل المتدخلين، بما في ذلك الاستعانة بالخبرات العسكرية والأمنية التي تمتلك أدوات واستراتيجيات متقدمة لحماية المعطيات والتصدي للهجمات السيبرانية المتطورة.
من جهتها، حاولت وزارة الإدماج الاقتصادي والتشغيل التخفيف من وقع الهجوم، وأكدت في بلاغ توضيحي أن موقعها المستهدف ذو طبيعة إخبارية، وأن جميع البيانات المعروضة فيه “عمومية”، دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن ما إذا كان العطب المستمر مردّه لهجوم جديد أو امتداد لما وقع مساء السبت.
ومع تزايد المخاوف من تكرار السيناريو على نطاق أوسع، يطالب مختصون بضرورة إطلاق خطة وطنية استعجالية لحماية السيادة الرقمية، تشمل جرداً شاملاً للمواقع الحكومية، وتحديث بنياتها، وتأهيل مواردها البشرية، في أفق بناء جدار صد رقمي يليق بحجم التهديدات الجديدة.