الصحافة _ وكالات
أعلن فريق بحثي من جامعة وارسو البولندية، في دراسة نشرت بدورية “ساينس”، عن تمكنه من عمل تصميم واقعي ثلاثي الأبعاد لمجرتنا، درب التبانة، ظهرت فيه بغير شكلها المعتاد كقرص مستو يشبه الطبق.
وجاء في الدراسة التي صدرت في الأول من أغسطس/آب، أن أطراف مجرتنا غير مستقيمة كما كان يعتقد سابقا، بل ملتوية، أحد طرفيها منحنٍ للأعلى والآخر منحنٍ للأسفل.
نجوم تغمز
تمكن الفريق البحثي من تصميم هذا الشكل لمجرتنا عبر دراسة حوالي 2500 نجم من فئة تدعى “المتغيرات القيفاوية”، وعبر فحص المسافات بيننا وبين كل من تلك النجوم ثم وضع النتائج في محاكاة حاسوبية، تبين للفريق البحثي أن مجرتنا تتخذ هذا الشكل المنحني.
والمتغير القيفاويّ (Cepheids) هو أهمّ النّجوم النّابضة وأشهرها على الإطلاق. والنجوم المتغيرة القيفاوية هي نجوم ضخمة جدا أكبر من شمسنا بنحو مئتي مرة، وهي ساخنة جدا وتنطلق منها مادة وغازات ورياح نجمية على دورات.
والنجوم المتغيرة نوع خاص من النجوم يزداد لمعانها في السماء وينخفض بشكل مستمر، قد يكون منتظما وقد يكون غير منتظم، رأى القدماء بعضها وتصوروا أنها ذات علاقة بالشياطين التي “تغمز” بعينيها للبشر على الأرض، بسبب تغير لمعانها.
لكننا الآن نعرف أن ذلك التفاوت في اللمعان يحدث لأسباب عدة منها طبيعة النجم نفسه، حيث يتضخم ثم ينكمش، أما المتغيرات القيفاوية فهي واحدة من أشهر النجوم المتغيرة، ذلك لأن لمعانها في السماء يتغير خلال فترة زمنية منتظمة.
وترجع شهرة المتغيرات القيفاوية لأن هناك علاقة فيزيائية دقيقة بين عدد مرات نبضها والمسافة بيننا وبينها، بالتالي أمكن فقط عبر رصد كل نجم منها لفترة طويلة أن يقوم فريق وارسو البحثي بتحديد المسافة بينه وبين الأرض.
النجوم المتغيرة هي نوع خاص من النجوم يزداد لمعانها وينخفض بشكل مستمر (جامعة طوكيو)
مجرة منحنية
لكن الأمر ليس بتلك السهولة، فتلك النجوم بعيدة جدا، لذلك تطلب الأمر استخدام مرصد حديث نسبيا هو الأدق في هذا النطاق، مرصد التعدس الجذبي الضوئي (أوجل) الموجود بصحراء أتاكاما في دولة تشيلي، وهي المنطقة الأكثر جفافا وظلاما في العالم، لذلك فهي الأكثر مناسبة لإقامة المراصد.
يتمكن “أوجل” من رصد وتصنيف ضعفي العدد المعروف من النجوم المتغيرة في أدق التلسكوبات الأخرى، وذلك هو ما ساعد فريق جامعة وارسو على صنع تصميم للمجرة هو الأدق إلى الآن.
ليست تلك هي المرة الأولى التي يشار فيها إلى أن أطراف مجرتنا ملتوية، حيث كان فريق بحثي من الأكاديمية الصينية الوطنية للعلوم قد أشار في فبراير/شباط الفائت إلى نتائج شبيهة، مبررا ذلك الالتواء بأن جاذبية مجرتنا تضعف عند الأطراف مما يعطيها الفرصة لحركة أكثر مرونة.
يهتم العلماء بتحديد الشكل الدقيق لدرب التبانة، مجرتنا، لأنها -ببساطة- المجرة التي نعيش بها، وفهمها بصورة دقيقة يعطي الباحثين في هذا النطاق فرصة أفضل لفهم تركيب المجرات الأخرى، وبالتالي الكون كله.
المصدر : الجزيرة
شادي عبد الحافظ