الصحافة _ كندا
يشكل متحف كرة القدم المغربية فضاءً استثنائياً لصون ذاكرة الرياضة الوطنية، حيث يتحول كل ركن من أركانه إلى شاهد حي على محطات بارزة صنعت تاريخ الكرة المغربية ورسخت حضورها في الوجدان الجماعي.
ويقع هذا المتحف، المصمم بعناية فائقة، داخل مركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة في سلا، ليمنح الزائر تجربة زمنية فريدة تتحول فيها كرة القدم إلى لغة جامعة، تعبّر عن الحلم المشترك، وتستحضر حماس الملاعب وأفراح الانتصارات التي تناقلتها الأجيال.
ومن خلال مسار متحفي يغوص في عمق التاريخ، يجد الزائر نفسه متنقلاً بين حقب مختلفة من مسيرة كرة القدم الوطنية، محمولاً بإرث غني صنعه الرواد الأوائل. فمن تتويج أحمد فرس بكأس إفريقيا للأمم سنة 1976، إلى ملحمة مونديال المكسيك 1986، وصولاً إلى أبرز الألقاب والإنجازات التي حققتها المنتخبات والأندية الوطنية، يبرز تاريخ كرة القدم المغربية كمسار متواصل من الطموح والتحدي.
وتضم قاعات المتحف مجموعة من القطع الرمزية، من قمصان تاريخية وكرات قديمة وصور خالدة، إلى قصاصات صحفية اصفرّ لونها مع الزمن، لكنها ما تزال تنبض بوهج اللحظة. قطع بسيطة في مظهرها، لكنها تختزل قوة الإنجاز ومرارة التحدي وجمالية الانتصار فوق المستطيل الأخضر.
ولا يقتصر المتحف على العرض الكلاسيكي، بل يعتمد تقنيات حديثة تتيح تجربة غامرة، حيث تتداخل الصور المتحركة مع أصوات الجماهير وروايات مشهدية تحيي الذاكرة، فتجعل الزائر يستشعر نشوة هدف حاسم أو صمت لحظة خسارة قاسية. وبهذا التفاعل، يكتسب التاريخ الرياضي بعداً حسياً أقرب إلى المتلقي.
وفي هذا السياق، أكد محافظ متحف كرة القدم المغربية، زيد واكريم، أن هذا الفضاء يتجاوز مفهوم العرض التقليدي، ليشكل ذاكرة حية تختزن حكايات الكرة الوطنية. وأوضح أن كل كأس أو قميص أو صورة تخفي وراءها قصة من قصص التاريخ الرياضي المغربي، وأن السينوغرافيا المعتمدة تسعى إلى إبراز مشاعر الاعتزاز والفخر الجماعي بمسار طويل من الإنجازات.
من جانبه، اعتبر عبد الرحيم بورقية، أستاذ سوسيولوجيا الرياضة والإعلام والرياضة بمعهد علوم الرياضة بجامعة الحسن الأول بسطات، أن المتحف يجسد إرادة حقيقية في نقل الإرث الكروي إلى الأجيال الصاعدة، من خلال مسار يتيح فهم المراحل المفصلية لتطور كرة القدم الوطنية، والشخصيات التي صنعت مجدها، واللحظات التي وحدت المغاربة حول أسود الأطلس.
وعند مغادرة هذا الفضاء، لا يحمل الزائر معه مجرد صور أو معطيات تاريخية، بل صدى تجربة إنسانية تجعل من كرة القدم أكثر من لعبة، لتغدو ذاكرة وهوية وروحاً نابضة للمغرب.














