بقلم: رشيد لزرق*
لم يعد من المتصور صدور القانون الجنائي الذي تاه و ضل طريقه داخل ردهات البرلمان لفترة طويلة. وبدا لكل من يهمهم الأمر أن مشروع القانون الجنائي لن يجد طريق الخروج من هذا الاحتباس التشريعي.ثم باتت الأغلبية المشرعة وكأنها موجهة كي تمطط وتطيل فترة المناقشة دون بوصلة.
وها أنتم ترون و تسمعون كيف يبرر الوزراء تخاذلهم؛ حيث لن يستطيعوا الاضطلاع بمهامهم إلا إن كانت لديهم دراية و قدرة على اتخاذ القرار.
فليس الحل بأيادي الوزراء المرتعشة الخائفة من فقدان المنصب، رغم أن المنصب وسيلة لتطبيق رؤية وبرنامج و ليس غاية في حد ذاته.
وهاهو الوزير محمد بنعبد القادر الذي كان وزيرا في حكومة العثماني في نسختها الأولى وانطلاقا من عضويته في المجلس الحكومي كان يفترض انه ناقش جميع مشاريع القوانين، بصفته السياسية والحزبية غير أنه تنصل من ذلك على اعتبار انه لم يكن وزيرا للعدل!
وهذا يوضح محدودية درايته ومعرفته؛ ويظهر بشكل جلي حقيقة الوزير محمد بنعبد القادر، الذي لا يفقه في القانون والدستور كما ظهر ضعفه السياسي الذريع . فهو نموذج لانعدام الكفاءة التي يتميز بها فريق العثماني .
هذا الأخير لم يشكل حكومته على أساس الكفاءات السياسية والتدبيرية القادرة على ربح رهان المرحلة، وكذلك الشأن بالنسبة لقيادات الأحزاب السياسية، التي تدفع بشخصيات لا زاد معرفي لها سوي الولاء الشخصي!!.
ولعمري إنها لقمة المبالغة في العبث بمصلحة البلاد العليا عبر امتهان التكتيكات الضالة والتلاعب بمصلحة الوطن.
نعم ، هذا محمد بنعبدالقادر وزير سابقا فشل في إصلاح الإدارة لكونه لا يفقه في أبجديات القانون الإداري، ثم يتم منحه وزارة العدل لأن زاده الوحيد هو صفة المنفذ المطيع لإدريس لشكر الذي فشل -بدوره- في الاستوزار لكونه غير مقبول سياسيا.
وفي أول إشارة منه لضرب الكفاءة وتقديم الولاء عين ابن الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي الحسن لشكر مديرا لديوان وزير العدل!!.
وهكذا فإن وزير العدل الحالي، لا يمكنه أن يشغل منصبه ويدافع عن مشروع القانون الجنائي، و هو ليس من أهل قانون و لا يعرف اختصاصاته كوزير في حكومة. إذن من العادي ان يقوم الرميد بالمزايدة عليه و تلقينه أبجديات القاعدة القانونية؛. في وقت كان يفترض فيع تعيين شخصية تمتاز بالكفاءة والدراية والنزاهة السياسية، لها الإرادة لفك خيوط المرحلة سياسيا وقانونيا، وزير لا يخشى أن يطلب أو يطلب – من هم أعلى منه طبعاً – ما فيه صالح وزارة بحجم وزارة العدل.
أما بنعبد القادر؛ فهو لم يكن يحلم يوماً بهذا المنصب، وعندما اقترحه إدريس لشكر بات همه الأول هو تنفيذ أوامر كاتبه الأول الذي من عليه بالاقتراح وكأنه يعلوه درجة ومقاما دستوريا.
ولعل هذا -كي أؤكد ما قلته قبلا – ما جعل الرميد يتطاول على اختصاصاته، وبدل أن يعمل على مواجهته داخل المؤسسة الحكومية بات محمد بنعبد القادر يشتكي الرميد إلى إدريس لشكر وكأن هذا الأخير هو رئيس الحكومة… فشتان ما بين التراتبية الحزبية والهرمية التنظيمية الحكومية!!
*رشيد لزرق: أستاذ العلوم السياسية.