الصحافة _ كندا
تواجه اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة موجة انتقادات حادة بسبب ما وصفه الصحافيون والمهنيون بـ”التعطيل الممنهج” في منح بطاقة الصحافة، وفرض شروط غير قانونية تتجاوز اختصاصاتها، خصوصاً فيما يتعلق بمنح صفة مدير النشر، وهي صلاحية حصرية للنيابة العامة وفق القانون. هذه التجاوزات دفعت الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية إلى توجيه سؤال كتابي إلى وزير الثقافة والشباب والتواصل، المهدي بنسعيد، لمطالبته بتوضيح موقف الحكومة من هذه الممارسات المثيرة للجدل.
واعتبر الفريق أن اللجنة المؤقتة، التي كان من المفترض أن تدبر شؤون المجلس الوطني للصحافة بشكل انتقالي، تحولت إلى جهة تفرض “نظاماً خاصاً” لمهنة الصحافة، دون أي سند قانوني، مما يشكل قفزاً غير مبرر على مدونة الصحافة والنشر، التي تحدد بشكل واضح شروط الحصول على البطاقة المهنية.
الجدل تصاعد بعدما تفاجأ عدد من الصحافيين، خاصة الذين تمت ترقيتهم إلى منصب مدير نشر، بإجبارهم على تقديم شهادة الإجازة أو الدبلوم، رغم أنهم يحملون البطاقة المهنية منذ سنوات، ويجددونها بانتظام. هذا الإجراء أثار غضب الأوساط الصحافية، إذ إن القانون يفرق بوضوح بين طلب الحصول على البطاقة لأول مرة، والذي يستوجب تقديم وثائق معينة، وبين طلب التجديد الذي من المفترض أن يتم بشكل سلس ودون تعقيدات بيروقراطية.
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أشار الفريق النيابي إلى أن اللجنة تجاوزت صلاحياتها بشكل خطير من خلال فرض شروط جديدة على مديري النشر، رغم أن القانون يمنح النيابة العامة وحدها سلطة التصديق على هذه الصفة. وبدلاً من مطالبة المجلس بنسخة من تصريح الإيداع القانوني كما ينص عليه القانون، عمدت اللجنة إلى إلزام مديري النشر بإعادة تقديم وثائق سبق أن قدموها للنيابة العامة، وهو ما اعتبره الفريق النيابي نهجاً بيروقراطياً معرقلاً يهدف إلى تعقيد المساطر وإرباك المهنيين دون أي مبرر قانوني واضح.
وفي ظل هذا الوضع، لا يزال عدد كبير من الصحافيين عالقين دون بطائقهم المهنية، رغم استيفائهم لكافة الشروط القانونية، وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى حول مدى احترام اللجنة المؤقتة لمقتضيات القانون، ويعزز المخاوف من قرارات ارتجالية تزيد من تعميق أزمة القطاع الإعلامي.
واعتبر الفريق النيابي أن هذا “النظام الخاص” الذي فرضته اللجنة جاء مع أول إعلان عن فتح باب طلب البطاقة المهنية لسنة 2025، مما تسبب في موجة استياء واسعة بين الصحافيين، الذين شددوا على أن منح البطاقة مؤطر بقواعد قانونية واضحة لا يجوز تجاوزها، محذرين من خطورة ابتداع قوانين وإجراءات غير شرعية تمس بمبدأ الشفافية والحقوق المهنية.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الصحافيون خطوات ملموسة لفتح نقاش جدي حول تعديل القوانين، وإجراء انتخابات لاختيار هيئة منتخبة تمثلهم بشكل ديمقراطي، تفاجأوا بإجراءات جديدة تزيد الوضع تعقيداً وتعزز الأزمة القانونية التي يواجهها قطاع الصحافة، مما ينذر بحالة احتقان غير مسبوقة.
وأمام هذه التطورات، طالب فريق التقدم والاشتراكية الوزير المهدي بنسعيد بتوضيح موقفه من هذه التجاوزات، والكشف عن الإجراءات التي سيتخذها لإعادة الأمور إلى مسارها القانوني الصحيح، وضمان احترام حقوق الصحافيين ومديري النشر، تفادياً لمزيد من التوتر والارتباك داخل القطاع الإعلامي.