الصحافة _ كندا
في تحول وُصف بالزلزال السياسي داخل جبهة “البوليساريو”، خرج إبراهيم بشير بيلا، أحد أبرز قياديي التنظيم الانفصالي، بتصريحات غير مسبوقة يعترف فيها بصراحة أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية، المقترحة سنة 2007 تحت قيادة الملك محمد السادس، تمثل الحل الأكثر واقعية والأقرب إلى التنفيذ لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
الاعتراف لم يأتِ من فراغ، بل في سياق مأزوم تمر به الجبهة، يتمثل في أزمة شرعية متصاعدة، وانهيار إنساني بمخيمات تندوف، وسط حصار جزائري وتدهور الأوضاع المعيشية، تزامناً مع تصاعد موجة دعم دولي واسع للمقترح المغربي، بقيادة واشنطن ومدريد وعواصم إفريقية وعربية ولاتينية.
المراقبون اعتبروا التصريح التاريخي محاولة يائسة من الجبهة المدعومة من الجزائر لامتصاص الضغط الأمريكي، خصوصًا بعد أن كثُر الحديث في الأوساط الدبلوماسية الأمريكية عن احتمال تصنيف “البوليساريو” كتنظيم إرهابي. وهو ما سيُربك حسابات الجزائر التي تُراهن على الجبهة كورقة في صراعها الجيوسياسي مع المغرب.
في ذات الاتجاه، أكد مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية “قرار نهائي ولا رجعة فيه”، مما زاد من عزلة الجزائر ودفعها إلى إعادة ترتيب خطاب “البوليساريو”، دون التخلي فعلياً عن أجندتها الانفصالية.
طاليب بويه أباحازم، نائب رئيس الاتحاد الدولي لدعم الحكم الذاتي، لم يتردد في وصف تصريحات بيلا بـ”المناورة التكتيكية”، التي تهدف إلى تهدئة الغضب الشعبي المتفجر في المخيمات، في وقت أصبح فيه الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية خياراً دولياً يحظى بالإجماع المتنامي.
وفي خضم هذا التحول الاستراتيجي، يواصل ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، حصد مكاسب دبلوماسية نوعية، تُترجم على أرض الواقع بفتح أكثر من 30 قنصلية في مدينتي العيون والداخلة، في اعتراف صريح بسيادة المغرب.
أما المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، فقد وصف هذا التحول في ميزان القوى بأنه فرصة تاريخية للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة، شرط أن تُظهر الأطراف نية حقيقية للتفاوض والتنازل.
في المقابل، تتراجع صورة “البوليساريو” في المجتمع الدولي، مع توالي التقارير التي تدين تورطها في انتهاكات حقوقية خطيرة، بينها تجنيد القاصرين والاتجار بالبشر. وفي ظل تفاقم الشعور بالخذلان داخل المخيمات، يبدو أن الحكم الذاتي المغربي لم يعد مجرد مبادرة، بل أصبح أفقًا حقيقيًا للسلام والتنمية والكرامة.