الصحافة _ كندا
في لقطة تختزل العبث السياسي المغربي، قبّل عبد اللطيف وهبي رأس عبد الإله بنكيران في مقر السفارة السعودية بالرباط، وكأن سنوات السب والشتم والاتهامات الثقيلة بين الرجلين مجرد مسرحية رديئة تنتهي بابتسامة عريضة أمام الكاميرات.
وبداالمشهد صادماً للرأي العام، ليس لأنه جمع خصمين تقاذفا الكلام حتى حدود التخوين والاتهام بـ”الأفعال الإجرامية”، بل لأنه عرّى حقيقة السياسة عند بعض زعماء الأحزاب: خطاب ناري في المنابر، وولائم ومجاملات في الصالونات.
إن بنكيران الذي رفع صوته يوماً مطالباً باستقالة وهبي، ووهبي الذي اتهم غريمه بتبرير ما لا يبرَّر، تحوّلا في لحظة إلى أصدقاء حميميين يتبادلان القبل. هذه الصورة ليست مجرد لقطة بروتوكولية، بل دليل حي على أن كثيراً من الخلافات الحزبية لم تكن سوى أدوات لتأجيج الجماهير واستثمار غضب الشارع، قبل أن تُطوى على موائد الضيافة، بلا حساب ولا محاسبة.
أخطر ما في هذه المسرحية السياسية أنها تزيد من فقدان ثقة المغاربة في خطابات زعمائهم. فكيف يصدّق المواطن من يملأ الدنيا صراخاً ضد “خصمه اللدود” صباحاً، ثم يضع يده فوق رأسه مساءً في مشهد محمّل بالرمزية؟ إنها صورة تختصر معنى “الضحك على الذقون”، وتكشف أن السياسة عند بعض من يسمّون أنفسهم قادة ليست سوى لعبة أدوار، لا مكان فيها لمصداقية ولا لمبادئ.