فيضانات مراكش تعمّق جراح الحوز.. الخيام تُقتلع والأمطار تُغرق ما لم يُهدّمه الزلزال

13 أبريل 2025
فيضانات مراكش تعمّق جراح الحوز.. الخيام تُقتلع والأمطار تُغرق ما لم يُهدّمه الزلزال

الصحافة _ كندا

شهدت جهة مراكش آسفي، ليلة السبت/الأحد 13 أبريل 2025، تساقطات مطرية رعدية غزيرة باغتت السكان وتسببت في فيضانات شلّت حركة السير، وأغرقت شوارع مدينة مراكش في المياه، في مشهد صادم أعاد إلى الأذهان هشاشة البنية التحتية، خاصة في وجه الظواهر المناخية القصوى. السيارات كانت تسبح وسط الشوارع، والمواطنون يوثّقون بكاميرات هواتفهم لحظات الانهيار المائي، بينما تجّار ساحة جامع الفنا يهرعون لحماية بضائعهم من الأمطار المفاجئة.

الفيضانات لم تكن مجرد مشهد عابر في مراكش، بل امتدت آثارها إلى عمق جراح لم تندمل بعد. في إقليم الحوز، حيث لا تزال آلاف الأسر تقيم في خيام منذ الزلزال المدمر، تحولت الأمطار إلى مأساة جديدة. الرياح القوية التي سبقت التساقطات اقتلعت عدداً من الخيام، وجاءت السيول لتجهز على ما تبقى من مأوى هشّ، دون أن تترك لهؤلاء المنكوبين سقفاً يقيهم أو أرضاً تؤويهم. مناطق مثل ثلاث نيعقوب، أغبار، إغيل، وإجكاك، باتت معزولة، يشكو سكانها من انقطاعات في الكهرباء وغياب شبكات الاتصال منذ أيام، مما زاد من حدة العزلة والصمت.

أصوات الاستغاثة القادمة من الجبل لم تصل بعد إلى آذان المسؤولين، بسبب انقطاع شبكات الاتصالات والاعتماد الكامل على الطاقة الشمسية لشحن الأجهزة. في دوار أوزدرو، بجماعة أزگور، وثّق ناشطون محليون لحظات مرعبة لليلة الجمعة، حيث تسببت الرياح في تدمير قسم خاص بالتعليم الأولي، تطايرت محتوياته ولم يتبق منه شيء يُذكر، في مشهد يُجسد الانهيار الكامل لأبسط مظاهر الحياة.

وسط هذه الفوضى المناخية، تتعالى دعوات الفاعلين المدنيين، من جمعيات حقوقية وائتلافات من أجل الجبل، مطالبة الدولة بتسريع وتيرة إعادة الإعمار، وتحسين ظروف الإيواء المؤقت، التي لم تعد تليق بكرامة الإنسان، خاصة في ظل أجواء مناخية متقلبة وموجات برد وأمطار ورياح لا ترحم. فبين زلزال لم يُنسَ بعد، وشتاء قاسٍ لا يرحم، تعيش أسر الحوز بين مطرقة الطبيعة وسندان البطء الرسمي.

الأمطار الأخيرة لم تكن حدثاً مناخياً عادياً، بل كشفت عُقداً مركبة في تدبير الكوارث، وسوء تقدير لاحتياجات سكان مناطق منكوبة، ما زالوا يصارعون من أجل البقاء. والواقع أن ما لم يُهدم بالزلزال، تُحاول الأمطار أن تُجهز عليه. وبين الحجارة المنهارة والخيام المبلّلة، يكبر سؤال العدالة المناخية والاجتماعية في وجه صمت ثقيل لا يليق بدولة تراهن على التقدم والكرامة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق