عندما يدفع النظام الجزائري ثمن مزايداته واستقوائه على المغرب بروسيا وأوربا

3 مارس 2022
عندما يدفع النظام الجزائري ثمن مزايداته واستقوائه على المغرب بروسيا وأوربا

بقلم: سمير الحيفوفي

وجد النظام العسكري الجزائري نفسه محاصرا بمزايداته، فبينما ظل يتبجح بقربه من الدب الروسي وينسج الدسائس ضد المغرب مع بلدان أوربية مثل إسبانيا، يقف الآن وقفة الحائر التائه فيما استجد على الساحة الدولية بعد شن روسيا هجوما عسكريا على أوكرانيا.. والسبب؟ الغاز الطبيعي.

وإذ يسعى الاتحاد الأوربي لنفض تبعيته للغاز الروسي، توجهت أنظار دول الاتحاد في القارة العجوز نحو الجزائر من أجل تعويض النقص في الإمدادات بسبب مستجدات الحرب في الأراضي الأوكرانية، ما جعل هذه الدول توفد “لويجي دي مايو”، وزير الخارجية الإيطالي إلى الجزائر مستهل الأسبوع الجاري لإجراء محادثات حول زيادة إمدادات الجزائر من الغاز للتعويض عن النقص المحتمل في الإمدادات الروسية بسبب غزو أوكرانيا.

هذا الموقف جعل النظام الجزائري على المحك، فهو يرمي لربط العلاقات مع الدول الأوربية كما تجسد خلال زيارة الرئيس الإيطالي الاخيرة للجزائر، لكنه لا يستطيع، في نفس الوقت، أن يتخذ قرارا لصالح الأوربيين خوفا من روسيا التي ظل يحتمي تحت مظلتها كما تفيد ذلك تصريحات ظل يرددها العسكريون في الجارة الشرقية.

فما العمل؟ وليس أمام النظام الجزائري غير الاختيار بين أحد المعسكرين فإن كان مع الروس فهو ضد الاتحاد الأوربي، وإن أمد الأخير بالغاز الطبيعي لتعويض الغاز الروسي حتما سيضع نفسه في موقف حرج مع الروس، الذين لن يغفروا مثل هكذا أمر للجنرالات في الجزائر.

ويظل المثير اللافت، في هذا الشأن الجدل الذي أثاره توفيق هكار، المدير العام لشركة “سوناطراك” الجزائرية، بعد حواره مع صحيفة “Liberté” التي أوردت “أن شركة الطاقة الجزائرية مستعدة لتزويد أوروبا بكميات إضافية من الغاز، من الفائض المتوفر لديها عبر خط أنابيب “ترانزميد” الذي يربط الجزائر بإيطاليا”.

الجدل احتدم بعدما دفع النظام العسكري الرئيس التنفيذي لـ”سوناطراك” للتبرؤ مما أوردته الصحيفة الناطقة باللغة الفرنسية، محاولا تهدئة الروس الذين أبدوا تبرمهم وغضبهم من هكذا تصريحات تكشف مدى حربائية النظام الذي يقوده السعيد الشنقريحة.

ولحد الساعة لم يستطع النظام العسكري الجزائري تحديد موقفه من قضية تزويد أوربا بالغاز الطبيعي، وقد قرر الـ”كابرانات” الاحتماء بالصمت لعلهم يقضون حوائجا عديدة بتركها، في انتظار مستجدات اليوم والغد وما بعدهما.

ويبدو الانتظار، الذي يريد النظام الجزائري إلباسه رداء التريث، قاتلا وفي غير مصلحة الجارة الشرقية، فكما أنه ظل يزايد على المغرب وقتما اشتد عليه الخناق بعلاقاته مع الطرفين النقيضين حاليا، فإنه مجبر على الاختيار في القريب العاجل.

في المقابل، جرت الرياح بما لم تشتهه سفن العسكر في الجارة الشرقية وقد استشعروا غباوة قرارهم وقف العمل بأنبوب الغاز الأوربي المغاربي، تزامنا ومتم شهر أكتوبر 2021، الذي يمر عبر المغرب وكان يزود إسبانيا وعبرها أوربا بالغاز الطبيعي.

وبدا قرار وقف العمل بأنبوب الغاز الأوربي المغاربي متسرعا، ولم تراع فيه خبايا المستقبل، بقدر ما كان الدافع إليه الحمية التي انتابت العسكر لفعل أي شيء من أجل إغاظة المغرب.. لكن الأخير انصرف إلى ما يخدم مصالحه على المدى البعيد.. لهذا صعب جدا ألا ترى أبعد من أرنبة أنفك.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق