الصحافة _ الرباط
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، يوم السبت، في أديس أبابا، أن عمل المغرب في إطار الاتحاد الإفريقي خلال السنوات الخمس الماضية استرشد بالإطار المرجعي الذي أرساه جلالة الملك محمد السادس.
وأبرز السيد بوريطة الذي يمثل جلالة الملك في أشغال الدورة العادية الخامسة والثلاثين لقمة الاتحاد الافريقي، أن هذه القمة تأتي بعد مضي خمس سنوات على عودة المغرب إلى المنظمة القارية، مستحضرا الخطاب التاريخي الذي ألقاه صاحب الجلالة سنة 2017 في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا ، والذي قال فيه جلالته: “وستلمسون ذلك بأنفسكم: فبمجرد استعادة المملكة المغربية لمكانها فعليا داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكب على لم الشمل، والدفع به إلى الأمام”.
وأشار الوزير إلى أن عمل المملكة داخل الاتحاد الأفريقي يتماشى مع هذه التوجيهات الملكية السامية، مذكّرا بالدور المحوري الذي اضطلعت به المملكة في إطلاق وعي إفريقي جماعي بضرورة العمل المشترك منذ مؤتمر الدار البيضاء قبل ستين عاما والذي شكل نقطة الانطلاق نحو بناء الوحدة الإفريقية.
وقال السيد بوريطة الذي كان يتحدث أمام ممثلي وسائل الإعلام، إن اجتماع مجموعة الدار البيضاء الذي انعقد سنة 1961، شكل إطارا للتفكير في التنسيق بين دول القارة، ويعتبر الأساس الذي بنيت عليه منظمة الوحدة الإفريقية قبل إنشاء الاتحاد الإفريقي.
وأشار إلى أن القمة الخامسة والثلاثين للاتحاد الأفريقي تأتي أيضا في سياق تعرف فيه القارة الأفريقية مجموعة من التطورات الإيجابية ، ولكن أيضا أوجه القصور، مضيفا “نشهد اليوم تطورات مهمة في منطقة التجارة الحرة ، وفي الهيكل الأمني الأفريقي ، وكذلك في العديد من القضايا التي تتحدث عنها أفريقيا الآن بصوت واحد من خلال تنسيق مواقفها. ولكن في الوقت نفسه ، هناك تحديات أمنية ، من بينها عدم الاستقرار في عدة دول وعودة الانقلابات العسكرية في مناطق معينة من القارة ، فضلا عن حجم التهديد الإرهابي”.
وشدد السيد بوريطة على أن “قرابة ربع الهجمات الإرهابية في العالم ضربت القارة الأفريقية. وأن سبعة من بين الدول العشر الأكثر تعرضا للإرهاب في العالم ،توجد في أفريقيا” ، مشيرا إلى أن “التقارب بين الجماعات الانفصالية والإرهابية في العديد من مناطق القارة الإفريقية تشكل تهديدا لاستقرار البلدان وكذا لعدة مناطق”.
وبخصوص جائحة كوفيد -19 ، سجل الوزير أن معدل التلقيح في إفريقيا لا يتجاوز 10 بالمائة، بينما تمثل القارة ما يقرب من ربع سكان العالم وتشهد ديناميات ديموغرافية كبيرة ، مبرزا أن المغرب يعد حاليا بلدا رائدا في أفريقيا في في مجال التلقيح، حيث بلغت نسبة المواطنين المغاربة الذين تلقوا الجرعة الثانية 67 بالمائة.
وأشار الوزير في هذا السياق إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعطى مؤخرا انطلاقة أشغال إنجاز مصنع لتصنيع اللقاح المضاد لكوفيد-19 ولقاحات أخرى، وهو مشروع هيكلي، سيساهم عند الانتهاء من إنجازه في تأمين السيادة اللقاحية للمملكة ولمجموع القارة الإفريقية.
ويندرج إنجاز هذه الوحدة الصناعية في إطار تفعيل رؤية التعاون بين بلدان الجنوب التي يحمل لواءها جلالة الملك، والتي تهدف إلى جعل المملكة قطبا قادرا على تلبية الاحتياجات الصحية للقارة.
وفي معرض تطرقه للمشاركة المغربية في هذه القمة ، أكد السيد بوريطة عزم المملكة على مواصلة تفعيل مضمون الخطاب الملكي لسنة 2017 من خلال التركيز على الأجندة الأفريقية الحقيقية التي تعكس الاهتمامات والتحديات الرئيسية للقارة، لافتا في هذا السياق إلى أن المغرب راكم خبرة في جميع القضايا المطروحة.
وفي ما يتعلق بقضية الأمن الغذائي التي تحتل مركز الصدارة في هذه القمة ،أوضح الوزير أن المغرب يملك خبرة كبيرة في هذا المجال، مشيرا إلى أن المملكة طورت عدة برامج زراعية على مر السنين ، من مخطط المغرب الأخضر إلى استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030 ،وذكر أن المملكة تعد من أكبر منتجي الأسمدة في العالم ، وهي عنصر أساسي في تحقيق الأمن الغذائي في القارة.
كما شدد السيد بوريطة على” أن المغرب يستطيع ،اليوم، من خلال تجربته وخبرته، المساهمة في تحقيق أهداف القارة في هذا المجال”.
وعلاقة بموضوع الهجرة ، أعلن الوزير أن تقريرا لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، بصفته رائد الاتحاد الأفريقي حول قضايا الهجرة ، سيتم رفعه إلى قمة الاتحاد الإفريقي. ويوضح هذا التقرير ، الذي سيقدم يوم الأحد باسم جلالة الملك، أن المشكل لا يكمن في الهجرة الإفريقية ، بل في الرؤية والتصورات المرتبطة بها.
وخلص السيد بوريطة الى أن هذا التقرير ، يوضح أيضًا كيف أن إفريقيا ، التي تمثل 14 بالمائة فقط من السكان المهاجرين في جميع أنحاء العالم ، متهمة بكونها تغزو الدول والقارات الأخرى ، موضحا أن ثلاثة مهاجرين أفارقة من أصل أربعة يمكثون في القارة الأفريقية، بالبلدان المجاورة ، بينما مهاجر واحد فقط قد يكفر في الذهاب إلى أوروبا التي يٌثار فيها كل هذا النقاش حول الهجرة الأفريقية.