الصحافة _ وكالات
تَعتبِر الغالبيّة السّاحقة من الشّعب المغربيّ قضيّة فِلسطين قضيّتها المركزيّة الأُولى، ولو جرى فتح باب التطوّع للقِتال لتحرير الأراضي الفِلسطينيّة المُغتَصبة لتقدّم الملايين من الشّباب المغربيّ للتطوّع، وحمل السّلاح، والاستِشهاد من أجل نُصرَة هذه القضيّة وفكّ أسر المسجد الأقصى المُبارك من ربقة الاحتِلال.
وبينما ينشغل الإعلام العربيّ في الوقتِ الرّاهن بمُسلسلاتٍ تمجّد التّطبيع مع العدو الإسرائيليّ بتمويلٍ خليجيٍّ مِثل “أم هارون” و”المخرج 7″، تتزايد عمليّات تطبيع ثقافيّ وسياسيّ لا تَقِلّ خطوةً في المغرب، بلباسِ الأعمال الفنيّة للتّأثير في وعي الشّعب المغربيّ بطُرقٍ “ناعمةٍ” عبر أجهزة التّلفزة وبعض وسائل التّواصل الاجتماعي.
بالأمس أصدر المرصد المغربيّ لمُناهضة التّطبيع بيانًا احتجاجيًّا على ما اعتبره ترويجًا من القناة المغربيّة الثّانية شِبه الرسميّة، والمركز السينمائيّ في المغرب، للتّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي.
وقال المرصد إنّ القناة الثّانية عرضت سهرة ليلة عيد الفطر المبارك يقودها الفنان الإسرائيلي طوم كوهين، رئيس أوركسترا “فرقة القدس” بحُضور المغنّية الإسرائيليّة نطع لخيام وثلّة من الموسيقيين المغاربة، بينما عرض المركز السينمائيّ المغربيّ فيلمًا دعائيًّا صهيونيًّا يُروّج للتّطبيع في الفترةِ نفسها.
والأخطر من هذا وذاك أنّ هذه الأوساط المُروّجة للتطبيع تحتفل حاليًّا بوجود عشرة وزراء من أصلٍ مغربيٍّ في حُكومة بنيامين نِتنياهو اليمينيّة الإسرائيليّة التي انبثقت عن الانتِخابات الأخيرة ونتيجة ائتلاف بين حزب اللّيكود والجِنرال بيني غانتس الذي يضع ضمّ الضفّة الغربيّة وتهويد القدس وغور الأردن على قمّة برنامجه الحُكوميّ.
ربّما يُجادل المروّجون لعمليّات التّطبيع هذه التي تتم بتأييدٍ حُكوميٍّ مُباشرٍ بأنّ هؤلاء يهود مغاربة يأتون إلى وطنهم الأصليّ المغرب، ولكن ينسى أو يتناسى هؤلاء أنّهم إسرائيليّون يخدمون في دولة الاحتلال، ويغتصبون أرضًا عربيّةً إسلاميّةً، ويُهوّدون القدس المحتلّة، ويحفرون تحت أساسات المسجد الأقصى تمهيدًا لانهِياره وإقامة هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه.
بعض هؤلاء اليهود المغاربة ينخرطون في الجيش الإسرائيلي، ولا يتورّعون عن قتل الأطفال والشبّان العرب العزّل، سواءً في القدس المحتلّة أو على حُدود قطاع غزّة، لأنّهم يُطالبون بالعدالة لقضيّتهم وحماية مقدّساتهم الإسلاميّة والمسيحيّة، وهؤلاء الوزراء في حكومة نِتنياهو يتبّنون هذه الأعمال الإجراميّة، وكُل سِياسات الضّم والتّهويد للأراضي العربيّة والإسلاميّة المحتلّة، ولا يَقِلُّون تَطرُّفًا وعداءً للعرب والمُسلمين من نِتنياهو نفسه.
أعمال التّطبيع هذه مع دولة مارقة محتلّة ترفُض كُل أنواع السّلام ومُبادراته، وتتنصّل من اتّفاقيّاته، وتُجسِّد أبشع أنواع العُنصريّة بإصدارها قانون “الوطنيّة” يجعل من فِلسطين المحتلّة دولةً لمُستوطنيها اليهود فقط، ممّا يعني تحويل أكثر من مِليون ونِصف المِليون عربي إلى غُرباء أو مُواطنين من الدّرجة العاشرة.
نتمنّى أن تتدخّل الحُكومة المغربيّة، وحُكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي فورًا وتُوقِف أعمال التّطبيع هذه، لأنّها لا تُسِيء للمغرب وصُورته الإيجابيّة في أذهان الغالبيّة من العرب والمُسلمين، وتاريخ شُهدائه الوطنيّ الحافِل في الدّفاع عن عُروبة وإسلاميّة الأراضي الفِلسطينيّة، وإنّما أيضًا لأنّها قد تُؤدِّي إلى زعزعة استِقراره، وهذا ما لا نرضاه في هذه الصّحيفة، ولا يرضاه أيّ عربيّ ومُسلم.