بقلم: خالد البكاري
سيدي القاضي:
تحية، وبعد،،،
كنت أفكر في كتابة رسالة لأخي وصديقي عمر الراضي الذي تم اتخاذ قرار بمتابعته في حالة اعتقال، لعلها ترفع معنوياته، لكني عدلت عن ذلك لأنه من كان السباق في بعث رسالة عبر نظراته لنا في المحكمة، التي تحمل كل معاني الثبات،،
لا اخفيك، سيدي القاضي،، انا أشد خوفا منه،، عليه، وعلى والديه، وعلي،،، وخصوصا على الوطن الذي يقاد برعونة نحو الهاوية،، هاوية مدن الملح والخوف واليأس.،
سيدي القاضي، سيصعب على اي مراقب ان يقتنع ان متابعة الصحافي عمر الراضي هي بسبب تدوينة كتبت قبل تسعة أشهر،،
هل الإهانة في حق قاض لم يتم اكتشافها سوى اليوم؟
هل قرار المتابعة كان يقتضي انتهاء فترة الحمل (تسعة أشهر)؟
سيدي القاضي،، اعرف انك ستبحث في سيرة عمر،،
عمر هو من فجر ملف احتكار شركة منير المجيدي لللوحات الإعلانية بالبيضاء سابقا..
عمر هو الذي فجر ملف أراضي خدام الدولة،،
عمر من بين الذين فجروا فضيحة الاختلاسات التي طالت البرنامج الاستعجالي في التعليم، ،
عمر عرف بأحداث سيدي إيفني وإيميضر والريف، ونهب الأراضي السلالة،،
اترى، سيدي القاضي،، لقد كان دائما في موقع تماس مع قضايا شائكة وشخصيات سامية واستثنائية..
ولأن له مصداقية عند الإعلام الدولي، كان ضيفا على قنوات أوروبية وأمريكية وعربية وازنة،،
كان حادا وجريئا يسمي الأسماء بمسمياتها،،
لكنه لم يفكر يوما ما في الهروب من الوطن،،
سيدي القاضي: حين تم رفض طلب السراح المؤقت، تذكرت انه كلما تلقى استدعاء كان يحضر دون إبطاء من تلقاء نفسه، تذكرت أسفاره الكثيرة خارج الوطن بدعوة من جمعيات ومنظمات معروفة،، مغطيا انشطة، او محاضرا، او مؤطرا لورشات في الصحافة الاستقصائية او في حقوق الإنسان،، ومع ذلك كان يعود للوطن، وكان بإمكانه ان يحصل على لجوء سياسي بيسر، وأن يمارس معارضة بعيدا عن الخوف من الاعتقال،، لكنه لم يفعل ذلك،،، وهذا السلوك وحده كان ضمانة لمتابعته في حالة سراح مادامت تقررت المتابعة، التي من حقنا ان نعتبرها تضييقا على حرية الرأي والتعبير، بهدف خلق جو من الخوف الجماعي عند المدونين والصحافيين والمناضلين والحقوقيين،،،
سيدي القاضي: في سبعينيات القرن الماضي، صرخ معتقلون سياسيون بعد النطق بأحكام ظالمة في وجه القاضي: فاشيست فاشيست ،، ومرت الأيام سيدي القاضي، ، فماذا حصل؟
وقعت تسويات في إطار ما سمي الإنصاف والمصلحة،، وصدرت مقررات رسمية تشير إلى مسؤولية القضاء في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،، وحصل الضحايا على تعويضات، ومنهم من تم تعيينهم من طرف الملك في مناصب سامية.
ما الدرس سيدي القاضي؟
الدرس انه في الماضي اشركت الدولة القضاء في محاربة معارضيها،، لكنها حين قررت التسوية معهم، لم تشرك ذلك القضاء، بل تخلت عنه وحملته مسؤولية أخطائها.
سيدي القاضي: كما قال احد المحامين اليوم، نخاف ان تكون كرة ملتهبة ألقيت لكم، وأنتم لها كارهون،، ولكن هي فرصة للدخول للتاريخ من احد بابين،، ولكم الاختيار..
تقبلوا صراحتي المشوبة بالخوف،،
اعترف حذفت كثيرا قبل أن اقرر نشر هذه الكلمات.