الصحافة _ كندا
لم يعد وزير الثقافة المهدي بنسعيد يخفي نفوذه في هندسة المناصب الحساسة داخل وزارته. فبعد أن مهد الطريق لصديقه ومستشاره السابق، صلاح الدين عبقاري، عبر تعيينه أولاً مديراً للشؤون الإدارية والمالية ثم كاتباً عاماً بالنيابة، جاء الدور اليوم على خطوة جديدة عبر قرار وزاري مؤرخ في 8 شتنبر 2025، يعلن فتح باب الترشيح لمنصب الكاتب العام لقطاع الثقافة. شروط القرار بدت تقنية في ظاهرها، لكن مصادر متطابقة تعتبرها مصاغة على مقاس عبقاري، بما يجعل النتيجة شبه محسومة سلفاً.
في ظرف وجيز لا يتجاوز ثلاث سنوات، صعد عبقاري بسرعة صاروخية من مستشار انتخابي للبام إلى رجل صفقات المهرجانات ومعرض الكتاب ومختلف المشاريع التي راكمت حولها شبهات بملايين الدراهم. في الأثناء، تم إزاحة سميرة المليزي من منصب الكاتبة العامة بالنيابة نحو المكتبة الوطنية، لتُفرغ الكرسي أمام صديق الوزير. أما شعار “تشبيب الإدارة” الذي يرفعه حزب الأصالة والمعاصرة، فقد تحول ـ بحسب مراقبين ـ إلى غطاء لتمرير الأتباع والمقربين، فيما ظل أطر عليا بخبرة دولية وملفات مهنية مشرفة خارج دائرة الاهتمام.
غير أن ما يجري داخل وزارة الثقافة ليس سوى جزء من مشهد أوسع. فداخل شبيبة الأصالة والمعاصرة، يشتد الصراع مع اقتراب مؤتمرها أواخر شتنبر الجاري. عبقاري يبرز مرشحاً قوياً لرئاسة الشبيبة بدعم مباشر من بنسعيد. لكن ومن تيار مراكش الذي تقوده فاطمة الزهراء المنصوري وتبار الصحراء يرفضان هذا التوجه رفضاً قاطعاً، باعتبار أن الدفع بعبقاري إلى الواجهة ليس سوى محاولة لإعادة إنتاج نفس منطق الولاءات والمحسوبية داخل الحزب.
بهذا، يجد البام نفسه أمام معادلة صعبة: وزير يوزع المناصب في الوزارة على المقربين، وقيادات شبابية تتصارع على الشرعية، في وقت تُرفع فيه شعارات التجديد والشفافية والديمقراطية الداخلية.