الصحافة _ كندا
تشهد أسعار السيارات المستعملة في المغرب خلال صيف 2025 ارتفاعًا ملحوظًا، أثار قلقًا متزايدًا داخل الأوساط التجارية والمهنية، في ظل دينامية غير متكافئة تُعيد طرح أسئلة بنيوية حول شفافية السوق وقدرته على حماية المستهلك.
وبحسب مهنيين وتجار في القطاع، فإن هذا الارتفاع لا يمكن تفسيره فقط بزيادة الطلب الموسمية، بل يعكس توجّهًا تسعيريًا معتمدًا من قبل عدد من الشركات الكبرى التي دخلت السوق بقوة، عبر عروض خاصة وخدمات ما بعد البيع تستقطب شريحة واسعة من الزبناء. هذا التحول، كما يقول المهنيون، دفع الكثير من المستهلكين إلى تفضيل التعامل مع هذه الشركات بدل الأسواق التقليدية، مما أضعف من تنافسية هذه الأخيرة وهدّد بتقويض ملامحها التاريخية.
وتبرز المخاوف من أن يكون السوق بصدد التحول إلى مشهد شبه احتكاري، تهيمن فيه شركات تمتلك مفاتيح التوريد والتوزيع والتسويق، ما يمنحها القدرة على فرض أسعار موحدة وغير خاضعة لمنطق العرض والطلب الحرّ. ويعتبر المهنيون أن هذا الوضع يُقزّم من دور التاجر الصغير ويُفرغ السوق من بعده التعددي، ويُحوّله إلى قناة تجارية مغلقة تُدار وفق حسابات مركزية غير شفافة.
وفي غياب آليات تنظيمية فعالة تضمن التوازن داخل السوق، تتفاقم مظاهر التفاوت بين الفاعلين، ويجد المستهلك نفسه أمام عروض مسيّجة بأسعار مرتفعة وخيارات محدودة. وهو ما دفع عدداً من المراقبين إلى اعتبار السيارة المستعملة لم تعد مجرّد وسيلة تنقل، بل تحوّلت إلى مرآة للتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية التي تتسع يومًا بعد يوم.
وتزداد الحاجة اليوم إلى مقاربة عمومية تنظر إلى سوق السيارات المستعملة ليس فقط باعتباره مجالًا اقتصاديًا، بل فضاءً اجتماعيًا له أثر مباشر على القدرة الشرائية وجودة الحياة، وهو ما يستدعي سياسة تنظيمية عادلة تحفظ التعددية، وتُعيد الاعتبار للحق في الاختيار.