الصحافة _ كندا
بعد مرور أكثر من عام على واقعة “الصفعة السياسية” التي هزت أحد أقدم الأحزاب المغربية، أسدلت المحكمة الابتدائية بمدينة سيدي سليمان الستار على الملف الذي تابع الرأي العام تفاصيله بشغف ودهشة. فقد قضت هيئة المحكمة بإدانة البرلماني يوسف أبطوي، عضو اللجنة التنفيذية السابق بحزب الاستقلال، بالحبس موقوف التنفيذ لمدة ثمانية أشهر، وتغريمه مبلغ 10 آلاف درهم لفائدة البرلماني منصف الطوب، المطالب بالحق المدني في هذه القضية.
الملف الذي أُحيط بتكتم حزبي شديد، رغم أنه انفجر داخل أروقة حزب الاستقلال في فبراير من السنة الماضية، ظل يشكل إحراجًا للقيادة السياسية للحزب الذي يُعد جزءًا من التحالف الحكومي، خصوصًا أن فصوله تدور حول اعتداء جسدي غير مسبوق بين نائبين برلمانيين ينتميان لنفس التشكيلة السياسية.
الحكم صدر غيابيًا في حق يوسف أبطوي، الذي امتنع عن الحضور إلى جلسات المحكمة، في وقت ظل فيه زميله منصف الطوب متشبثًا بحق التقاضي ورافضًا لكل محاولات الصلح واحتواء الأزمة من داخل الحزب. مصادر مقربة من الملف أفادت أن الحكم الابتدائي، الصادر منتصف ماي الماضي، لم يُقنع دفاع الطرف المُدان، الذي يرتقب أن يسلك مسطرة الاستئناف، في ظل مطالب مدنية بلغت سقف 500 مليون سنتيم، بدعوى الضرر النفسي الناتج عن الواقعة.
حادثة “الصفعة” لم تكن مجرد شجار عابر، بل تحولت إلى رمز للأزمة التي تعيشها الحياة الحزبية بالمغرب، وخصوصًا داخل الأحزاب التاريخية التي لطالما عُرفت بتقاليدها التنظيمية الصارمة. وقد قوبلت الواقعة حينها بتنديد واسع من أعضاء الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، الذين أبدوا تضامنهم المطلق مع النائب المعتدى عليه، في موقف قلّما يُسجّل داخل الفرق البرلمانية المغربية.
غير أن المثير في هذا الملف، بحسب عدد من المتابعين، ليس فقط الطابع القضائي للحكم، بل صمت القيادة الحزبية تجاه القضية برمتها، والتكتم الذي أحاط بالمستجدات، ما يعكس صعوبة التوفيق بين منطق الانضباط التنظيمي ومتطلبات التماسك السياسي في حزب يتهيأ لمعارك انتخابية حاسمة.
في نهاية المطاف، تبقى الواقعة بمثابة جرس إنذار لما باتت تعرفه الساحة الحزبية من تحولات، حيث لم تعد الخلافات تُحل خلف الأبواب المغلقة، بل قد تنتهي إلى أروقة المحاكم، حاملة معها كل الإحراجات التي قد تهز صورة مؤسسة سياسية عريقة.