الصحافة _ كندا
في إنجاز فلكي غير مسبوق، أعلن مرصد أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش عن اكتشاف استثنائي لبقايا مستعر أعظم جديد، أطلق عليه اسم “سكايلا”، تم رصده في كوكبة القيطس على ارتفاع غير معتاد في خط العرض المجري، ما يشكّل سابقة علمية بكل المقاييس.
المرصد أوضح في بلاغ رسمي أن هذا الاكتشاف تم بفضل السماء الصافية والنقية التي يتميز بها موقع أوكايمدن، مما مكّن الفريق العلمي من التقاط انبعاثات دقيقة جداً لخيوط غازية من نوع “H-alpha” لم تكن مرئية في الأشعة السينية أو موجات الراديو، وهو ما جعل هذه البقايا النجمية غير مكتشفة لعقود.
“سكايلا”، الذي يمتد على مساحة تقارب 1.5 درجة في السماء، جرى توثيق وجوده والتحقق من صحته بشكل مستقل من طرف البروفيسور روبرت فيسن، أحد أبرز الخبراء العالميين في بقايا المستعرات العظمى من كلية دارتموث الأمريكية.
لكن الاكتشاف لم يقف عند هذا الحد، بل أسفر عن تحديد مرشح جديد لسديم كوكبي أُطلق عليه اسم “خارِبديس”، في إشارة أسطورية تجمع بين العِلم والثقافة، مقتبسة من الأسطورة الإغريقية التي تتحدث عن وحشين بحريين قاتلين – “سكايلا” و”خارِبديس” – كانا يرعبان البحارة في مضيق ميسينا، ويجسدان خياراً بين خطرين قاتلين.
اختيار هذه التسميات لم يكن عبثياً؛ فخيوط الغاز الحمراء التي تظهر في الصور الفلكية الدقيقة تشبه المجسات الطويلة لوحش “سكايلا”، وكأن الفضاء نفسه يعيد تشكيل الأسطورة بأسلوبه الكوني العنيف والغامض.
هذا المشروع العلمي المميز ثمرة تعاون دولي مثمر يجمع بين علماء محترفين وهواة، ضمن برنامج علمي انطلق سنة 2021، يُعرف باسم “برو-آم”، ويضم فريقاً من فرنسا، ألمانيا، الولايات المتحدة والمغرب، بقيادة مغربية بمشاركة أسماء بارزة كالبروفيسور زهير بنخلدون، وعزيز كعواش، وسمير خلوكي.
الاكتشاف لا يُعد فقط نقطة مضيئة في مسار مرصد أوكايمدن، بل أيضاً لحظة فارقة تعيد رسم حدود المعرفة الفلكية من قلب الأطلس المغربي إلى سماء العالم، حيث تتحوّل الأسطورة إلى علم، ويصبح المغرب رقماً فاعلاً في قراءة ألغاز الكون.
