الصحافة _ كندا
توفي، أمس السبت بمدينة القنيطرة، الطيار المغربي السابق صالح حشاد، عن عمر ناهز 87 عاماً، ليغادر الحياة كأحد أبرز الناجين القلائل من سجن “تازمامارت” سيئ الذكر، حيث قضى أكثر من 18 سنة خلف جدرانه المظلمة بعد فشل محاولة انقلاب 16 غشت 1972.
ولد حشاد سنة 1938 ببني ملال، وبدأ مساره العسكري بالتدريب في فرنسا والولايات المتحدة، حيث سطع نجمه بين زملائه، وحاز على درع “Top Gun” كأحد أفضل الطيارين، قبل أن يشارك في حفلات التخرج العسكرية كمثال للتفوق والانضباط. لكن القدر قاده إلى مصير مأساوي حينما وجد نفسه معتقلاً بعد محاولة الانقلاب على الملك الراحل الحسن الثاني، رغم نفيه المتكرر لأي صلة مباشرة بها.
صدر في حقه حكم بالسجن عشرين سنة، قضى منها حوالي عقدين داخل “تازمامارت”، السجن السري الذي تحول إلى رمز للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب خلال ما بات يُعرف بـ”سنوات الرصاص”. هناك عاش حشاد أقسى الظروف، بين الجوع والبرد والمرض، في تجربة ظلت شاهدة على مأساة جيل كامل.
بعد الإفراج عنه، اختار صالح حشاد أن يحول الألم إلى شهادة، فوثق تفاصيل محنته في كتب وحوارات، ليحفظ ذاكرة جماعية وليكشف جوانب مظلمة من تاريخ البلاد، مؤمناً بأن التوثيق واجب تجاه الأجيال القادمة.
برحيله، يطوى فصل آخر من حكاية “تازمامارت”، لكن إرث صالح حشاد سيظل حياً، باعتباره رمزاً للصمود والتوثيق لسنوات من القهر، ورسالة بليغة عن كلفة الاستبداد وثمن الحرية.