رجة قوية بوزارة التربية الوطنية.. حملة تطهير أم تصفية حسابات سياسية؟

14 مارس 2025
رجة قوية بوزارة التربية الوطنية.. حملة تطهير أم تصفية حسابات سياسية؟

الصحافة _ بقلم: اسماعيل الحلوتي

في سابقة تعد هي الأولى من نوعها في تاريخ المنظومة التعليمية، أثارت الكثير من الجدل في أوساط المهتمين بالشأن التربوي، حيث أقدمت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في عهد الوزير الجديد محمد سعد برادة فجأة ودون سابق إشعار على إحداث رجة قوية، تمثلت في إعفاء مسؤولين كثر دفعة واحدة.

وهي الرجة التي هزت أركان الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية بمختلف جهات المملكة، وبلغ صداها ليس فقط البيوت والمؤسسات التعليمية، بل حتى المؤسسة التشريعية.

حيث أعلنت وزارة التربية الوطنية في بلاغ صادر عنها يوم الأربعاء 12 مارس 2025 ونحن على بعد أقل من أسبوع على العطلة البينية الثالثة، عن قيامها بإجراء عملية نقل همت 7 مديرين إقليميين، وإنهاء مهام 16 مديرا إقليميا مرة واحدة يوم الثلاثاء 11 مارس 2025، وأنه سيتم فتح باب الترشيح أمام الراغبين في تولي منصب مدير إقليمي ب”27″ مديرية إقليمية، من ضمنها 11 منصبا شاغرا.

منوهة إلى أن هذه العملية تندرج في إطار “مواصلة تنزيل ورش إصلاح منظومة التربية والتكوين، بهدف التفعيل الأمثل لأحكام القانون الإطار رقم17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ولبرامج ومشاريع خارطة الطريق 2022/2026، وبلوغ أهدافها الاستراتيجية، وتعزيزا لحكامة المديريات الإقليمية والرفع من قدراتها التربوية والتدبيرية.

كما لم تفتها الإشارة في ذات البلاغ إلى أن هذه العملية التي أثارت الكثير من التساؤلات في صفوف الشغيلة التعليمة على الخصوص، جاءت كذلك “تفعيلا لنتائج عملية تقييم الأداء التربوي والتدبيري للمديرات والمديرين الإقليميين، ومدى قدرتهم على المساهمة في تنزيل برامج الإصلاح وتحقيق أهدافه المرجوة، كما تروم هذه العملية التي تمت في إطار الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبتنسيق مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، من أجل مواصلة تعزيز وتطوير أداء المديريات الإقليمية، ودعمها بالأطر المؤهلة لتنزيل برامج الإصلاح، وبلوغ النتائج التربوية المنتظرة.

وجدير بالذكر أن الإعفاءات تمت بناء على تقارير مفصلة أعدتها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين حول المديريات الإقليمية التابعة لها، وهو ما أدى إلى تأجيل وإلغاء الاجتماعات التي كانت مبرمجة من قبل بين الفروع الإقليمية لبعض النقابات التعليمية والمديريات الإقليمية. وفيما يلي المديريات الإقليمية المعنية: خنيفرة وخريبكة وأزيلال التابعة لأكاديمية جهة بني ملال-خنيفرة، الناظور التابعة لأكاديمية جهة الشرق، أوسرد التابعة لأكاديمية جهة الداخلة-وادي الذهب، الفحص أنجرة والمضيق التابعتين لأكاديمية جهة الشمال، الراشيدية وورزازات التابعتين لأكاديمية جهة درعة- تافيلالت، اليوسفية وأسفي التابعتين لأكاديمية جهة مراكش- أسفي، سيدي سليمان التابعة لأكاديمية جهة الرباط- سلا- القنيطرة، كلميم التابعة لأكاديمية جهة كلميم- واد نون، بولمان ومولاي يعقوب التابعتين لأكاديمية جهة فاس- مكناس.

وفي مقابل ذلك لم تصدر الوزارة الوصية أي بيان رسمي توضح من خلاله إقدامها على اتخاذها هكذا قرارات صادمة وبهذا الكم الكبير والمثير، حيث اعتبرها البعض ممن طالهم لهيبها جائرة وغير منصفة، بينما يؤكد بعض الفاعلين النقابيين على أن هذه الإعفاءات جاءت على خلفية نتائج مدارس الريادة، التي خضعت للتقييم بناء على مجموعة من المؤشرات من لدن لجان تفتيش تحت إشراف المفتشية العامة للشؤون الإدارية بالوزارة، بعد وقوفها على مجموعة من الاختلالات والتعثرات في عدة مشاريع مرتبطة بهذه المدارس في المديريات الإقليمية التابعة لها، وأبانت عن قصور في أداء المديرين الإقليميين الذين شملهم الإعفاء وعجزهم عن تنزيل هذا المشروع التربوي الهام وعدم الالتزام بالمعايير والشروط المحددة، خاصة أن وزارة التربية الوطنية تراهن عليه ضمن مخططها الإصلاحي في الرفع من مستوى المتعلمين وتحسين جودة التعليم.

ويشار في هذا السياق كذلك إلى أن هناك أسبابا دفعت بالوزارة الوصية إلى اللجوء لهذه الإعفاءات المباغتة والمذهلة، ولا يمكن لأي كان من أبناء الوطن الغيورين على مصلحته العليا ومصلحة أبنائه، ممن يتطلعون إلى إحداث تغيير حقيقي في المنظومة التعليمية، إلا أن يثمنوها هذه الإعفاءات ويصفقوا لها بحرارة، هي أنها جاءت في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعزيز الحكامة الجيدة، في اتجاه تحقيق الإصلاح المأمول، بعد أن تم الوقوف على عدة تجاوزات تدبيرية مست بالشأن الإداري والمالي، وكذا إلى نقائص تتعلق بالبنيات وعدم التدخل في ملفات التدبير المفوض مثل النظافة والطبخ والحراسة الخاصة، فضلا عن ممارسة الشطط في تدبير الموارد البشرية داخل عديد المديريات الإقليمية…

إن أمل المغاربة كبير في أن تكون هذه الخطوة الجريئة، جاءت بالفعل في إطار حملة وطنية صادقة تهدف إلى تطهير مناصب المسؤولية من المفسدين والعاجزين عن النهوض بمهامهم، على أن تتلوها خطوات مماثلة، بعيدا عن الكيل بمكيالين وتعيين مسؤولين جدد موالين لأحزاب التحالف الحكومي الثلاثي، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة، التي لم يعد يفصلنا عنها سوى بضعة شهور.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق