خطاب شنقريحة… حين يتحدث العسكر بلغة فقدان النفوذ

26 مايو 2025
خطاب شنقريحة… حين يتحدث العسكر بلغة فقدان النفوذ

الصحافة _ كندا

في مشهد يعكس حجم التناقض بين الواقع والخطاب الرسمي، خرج رئيس أركان الجيش الجزائري، الجنرال سعيد شنقريحة، بكلمة جديدة حاول من خلالها تثبيت صورة مهزوزة لدور الجزائر في منطقة الساحل، بينما تشير المعطيات الميدانية والدبلوماسية إلى تراجع صارخ لنفوذها في الإقليم الذي طالما اعتبرته عمقًا استراتيجياً.

الجنرال، الذي كال المديح لما أسماه “الرؤية الاستراتيجية الحكيمة” للرئيس عبد المجيد تبون، بدا في حديثه منفصلًا تمامًا عن الدينامية المتسارعة في الساحل، حيث قررت دول “تحالف الساحل” (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) فكّ ارتباطها السياسي والأمني بالجزائر، بل ومواجهتها بشكل مباشر بتهم خطيرة تتعلق بدعم جماعات مسلحة وإرهابية تهدد الاستقرار الإقليمي.

هذه الاتهامات لم تعد تُقال في الكواليس أو عبر قنوات دبلوماسية مغلقة، بل باتت تُعلن على رؤوس الأشهاد، تزامنًا مع قيام هذه الدول بمناورات عسكرية مشتركة مع أطراف دولية وإقليمية، في رسالة واضحة مفادها: الجزائر لم تعد شريكًا موثوقًا.

الخطاب الذي ألقاه شنقريحة حافظ على النغمة التقليدية: السيادة، عدم التدخل، الاستقرار… لكنها شعارات تبدو اليوم خاوية من المعنى، في ظل واقع سياسي وأمني متشظٍّ، تعاني فيه الجزائر من عزلة دبلوماسية خانقة، وتوتر داخلي يتسع يوماً بعد يوم.

في الداخل، تتزايد مؤشرات التضييق على الصحافيين والنشطاء والحركات النقابية والمدنية، فيما تتصاعد الاحتجاجات في الجنوب حول قضايا التهميش والانفصال. وفي الخارج، يواصل الجوار الإفريقي الابتعاد عن الجزائر، مفضلاً التنسيق مع قوى دولية وخليجية وآسيوية أكثر فاعلية ومرونة.

المفارقة الصارخة أن الجزائر التي كانت يومًا ما تُصنّف ضمن “محور التوازن” في الساحل، أضحت اليوم مصدر قلق، تُحاط بالريبة، ويُنظر إلى خطابها كمجرد استرجاع لزمن ولّى، حيث كانت الكلمة للعسكر والواقع يذعن.

هكذا، وبين لغة خشبية تروّج لبطولات قديمة، ووقائع سياسية جديدة تعاكسها، تتآكل مصداقية الجزائر في محيطها الإفريقي. فالدول لا تُقاس بثرثرة جنرالاتها، بل بقدرتها على بناء الثقة، وهذا ما فقدته الجزائر… وتحديدًا من أعلى هرمها العسكري.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق