عثمان أمكور
يُعدُ موضوع التعليم في الوطن العربي من المواضيع المهمة التي ترهنُ مستقبل المنطقة العربية؛ ومن هنا تكمنُ أهميةُ الكتاب الذي قام بحريره كل من هشام العلوي الباحث بمركز ويذرهيد للشؤون الدولية بجامعة هارفارد، ورئيس مؤسسة هشام العلوي وروبرت سبرينغبورغ (Robert Springborg)، زميل باحث غير مقيم في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية، والمعنون بـ “الاقتصاد السياسي للتعليم في العالم العربي”(The Political Economy Of Education In The Arab World) والصادر سنة 2021 عن دار نشر لين راينر؛ وهو عملٌ سعى أصحابه وفق مقاربات متكاملة من تقديم ربط للوضع السياسي بالمنطقة العربية بوضع منظومة التعليم العربي التي تتسم بالتردي، ولأجل هذا قامت جدلية بحوار مع هشام العلوي حول مضامين كتابه ننشر لكم جزءه الأول:
1- أنتم تدركون بأن هناك العديد من الدراسات التي قامت بها مؤسسات حكومية وغير حكومية وأكاديمية حول وضع التعليم في العالم العربي والتي أجمعت في مُجملها بأن هناك أزمة مركبة يعرفها التعليم، فما هو الداعي من تقديم دراسة جديدة حول التعليم في الوطن العربي؟ وما هو الجديد الذي تُقدمهُ مقاربة كتابكم الجديد؟
لقد تم القيام بالعديد من الدراسات حول التعليم في الوطن العربي، والتي اتفقت في مجملها على وجود أزمة جوهرية، إلا أن الحلول المقترحة طغى عليها ما هو تقني أكثر، مثل تحسين البنية التحتية وتغيير طفيف في مناهج التدريس؛ على سبيل المثال، تتضمن مقترحات الإصلاح المشتركة لتحسين المرافق المدرسية، وإدخال تقنيات جديدة، وتعزيز تدريب المعلمين، وتحديث الكتب المدرسية والمناهج الدراسية، وهي أمور مهمة، لكنها تتجاهل أيضًا المشكلة الأكبر المتجلية في السياق السياسي للتعليم.
يتم تضمين الأنظمة التعليمية العربية في هياكل سياسية أكبر، نطلق على هذه الهياكل “نظم التمكين المحدودة” (limited access orders)؛ وهي معروفة أكثر بالسلطوية؛ تعمل نظم التمكين المحدودة من خلال التحكم في توزيع المعرفة باعتبارها مورداً ثميناً، عبر شرائح واسعة من المجتمع، إنهم يرون التعليم الإنساني الذي يوفر مهارات التفكير النقدي وتحرير الذات تهديداً وجودياً لهم. المواطنون النشطون والعاملون والفاعلون مؤهلون ليشككوا من جدوائية السلطة ويطالبوا بحلول لمشاكلهم الاقتصادية الملحة التي تشهدها دولهم، وبالتالي؛ فإن التركيز الكامل للكتاب هو استكشاف كيفية بلوغ قمع الأنظمة التعليمية إلى هذا الحد، وما هي الإمكانيات الموجودة للقيام بإصلاحات هادفة، وهو ما جعل احتواء الكتاب على فصول قائمة على منهج المقارنة بُغية البحث في الإصلاحات التعليمية الناجحة خارج الشرق الأوسط، كما هو الحاصل في أمريكا اللاتينية وشرق آسيا.
2- أشرتم إلى أن أزمة التعليم ساهمت في تحريك احتجاجات الربيع العربي، كيف ذلك؟ وهل ترون بأن إصلاح منظومة التعليم في الوطن العربي كفيلة بمُعالجة الأزمات الاجتماعية التي كانت وراء خروج الحشود في الوطن العربي سنة 2011؟
لم تكن الأزمة التعليمية في العالم العربي السبب الوحيد للربيع العربي، لكنها ساهمت في اندلاع الانتفاضات، نظرًا لكون الأنظمة التعليمية مترابطة بنظم التمكين المحدودة التي تؤدي إلى مستويات عالية من عدم المساواة، فقد تُرك مواطنو المنطقة العربية في حالة من التهميش، لقد خرجوا من المدارس التي أصبحت بمثابة مصانع معتمدة، ولم يكونوا مستعدين لسوق العمل الصغير جدًا وغير المؤهل لتوظيفهم، لقد ضَمُرَتْ دولهم في توفير السلع والخدمات، ولم يكن لديها حلول لحشود الشباب المتعطشين للفرص، بهذا المنحى ساهم التعليم المعطوب بنمو شعور بالإقصاء والظلم والعجز الذي أدى إلى اندلاع الربيع العربي.
ولأن التعليم متواشجٌ مع الدولة والاقتصاد، فإن الإصلاحات التعليمية الناجحة لن تكون الدواء الشافي لحل الأزمة الاجتماعية الأوسع في العالم العربي، ومع ذلك؛ فإن اصلاح منظومة التعليم هو جزء من أي حل وجب البدء فيه من الآن.
3- أشرتم إلى أن الأدوار التي لعبتها منظومة التعليم في حقبة “ما بعد الاستعمار” ومرحلة بناء الدولة الوطنية في الأوطان العربية، ليست هي نفسها الأدوار التي باتت منظومة التعليم تعرفها اليوم، كيف كانت هذه الأدوار في مرحلة “ما بعد الاستعمار”، وكيف جعلت تحديات العولمة والزمن الرقمي منظومة التعليم في الوطن العربي في أزمة مركبة؟
على مدى أجيال، تُعدُ الأنظمة التعليمية من اختصاص الدول الاستبدادية التي سعت إلى تنشئة موظفي الخدمة المدنية والمواطنين المطيعين، كما تم استخدام المدارس كأدوات لفرض الثقافات المدنية، التي جسدت الأيديولوجيات الحاكمة أو الهويات التي بُنيت على السرديات القومية التي تهيمنُ عليها الدولة، لذلك سمح التعليم للنخب التي تتحكم في نظم التمكين المحدودة الخاصة بها بتوحيد مجتمعاتها دون توفير الأدوات والمهارات التي من شأنها أن تتيح للمواطنين القدرة على مجابهة سطوت السلطوية.
تعثرت هذه الأنظمة بمجرد دخول الشرق الأوسط عصر العولمة؛ أدت الوتيرة السريعة للتوسع التعليمي في العديد من البلدان العربية خلال عقود ما بعد الاستعمار إلى التضحية بالجودة من أجل التمكين، في الوقت الذي اكتسب فيه المواطنون المزيد من معارف القراءة والكتابة الأساسية، فقد تعرضوا في المقابل لركود نماذج التعلم التي لم تتكيف مع التغييرات الهيكلية الأوسع، مثل كسر حلقة الوصل بين المجتمع وإقليمه (de-territorialization)؛ يعمل الاقتصاد العالمي الحديث جزئيًا على مبدأ الجدارة، والفكرة القائلة بأن نتيجة الفرد في الحياة يجب أن تتطابق مع أداءه وجهده، لكن في النظم التعليمية العربية، نادرًا ما كان الجهد أو الأداء في المدارس ينعكسُ على واقع الحياة، بالنظر إلى غلبة المحسوبية السياسية؛ كان الهدف من التعليم خدمة الدولة، وليس إعداد المواطنين للمنافسة في السوق المفتوحة.
4- أشرتم لمسألة مهمة بأن هناك عوامل تُعقدُ جهود اصلاح التعليم في الأوطان العربية من بينها “هيمنة الإسلاميين” على الجسم البيروقراطي لأجهزة التعليم في الوطن العربي، هل يمكنكم توضيح هذه الفكرة أكثر؟
لطالما كانت العلاقة بين الدين والتعليم في معظم الدول العربية موضوعاً حساساً؛ منذ حقبة ما بعد الاستعمار، تعاملت الأنظمة التعليمية مع الدين كموضوع مقدس ومحتكر حتى في التأويل والتفسير. اختارت الدولة تعاليم الدين بعناية من أجل ضمان بقاء المجال الديني تحت السيطرة السياسية، يشبه هذا الخلاف حول من يمارس السلطة الدينية الحاصل بين عدد من الحكومات العربية في تعاملها مع الحركات الإسلامية، حيث ترفض الدولة جهودها الرامية لتأثير على التعليم عبر صفقات غير مريحة لها. ما يجبُ الاشارة إليه هنا هو أنه إذا كان الإصلاح سيغير هذه الأنظمة التعليمية، فمجال الدين سيظلُ تحدياً يصعبُ حله.
5- قلتم بأن الوطن العربي لم يدخل في مجمله بعدُ إلى ما يعرفُ بـ “اقتصاد المعرفة”، ما هي المعيقات التي تحول دون دخولنا بطريقة سليمة لهذا الاقتصاد الذي يفرض نفسه في الألفية الثالثة؟
أولاً، يجب أن تقترن أي إصلاحات تعليمية تقنية بإعادة التفكير أساسا في السياق السياسي؛ يمكن دائماً تخريب أفضل المساعي الإصلاحية من أعلى الهرم، على سبيل المثال؛ يمكن أن يؤدي انتشار التدريس المستند إلى الكمبيوتر (أي التكنولوجيا التعليمية) إلى ترقية قدرات الطلاب، ولكنه يمنح الحكومات أيضًا المزيد من الأدوات للتحكم في عملية التعلم.
سعت بعض الدول مثل دول الخليج، إلى استيراد نماذج غربية أو آسيوية للتعليم، وهو ما يمثل حالات استثنائية، فهم يرغبون في مخرجات تلك النماذج المستوردة دون دفع تكاليفها الحقيقية، والتي تشملُ قبول المواطنين الذين يتم تمكينهم أدوات التفكير النقدي، وامتلاك المعرفة والقدرات لتحدي رموز السلطة.
ثانيًا، لا توجد حلول فورية؛ يتطلب الاندماج الكامل في اقتصاد المعرفة عملية طويلة الأمد من التحسين التدريجي المكثف؛ حتى في الاقتصادات المتقدمة مثل أمريكا، هناك تفاوتات داخلية شديدة في توزيع المعرفة، على سبيل المثال؛ في كاليفورنيا ، لا يبعدُ وادي السيليكون عن بعض أفقر أحياء الولاية والمجتمعات الزراعية، أعتقد أن تجربة الهند يمكن أن تكون مفيدة؛ لأنها منخرطة الآن في عملية التأقلم البطيئة هذه، لقد استغرقت الهند جيلين لتحويل نفسها من اقتصاد فلاحي تنتشر فيه الأمية إلى اقتصاد متوسط الدخل يمتلكُ قدرات متميزة في مجال التكنولوجيا الفائقة، وهي الآن واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا خارج الغرب.
يعمل التعليم والاقتصاد بشكل متكافل؛ يتطلب أي تحسين للمدخلات التعليمية أن يوفر الاقتصاد أيضًا فرصًا يمكن أن تستفيد من القيمة المضافة المعززة عند الموارد البشرية، وهذا يستغرق وقتا.
6- هل نحن نحتاج إلى مؤسسات تعليمية مستقلة عن أجهزة الدولة من أجل الانخراط في مسار إصلاح منظومة التعليم، أم أن استقلال التعليم ليس شرطاً في مسار النهوض به؟
لا تحتاج المؤسسات التعليمية إلى الانفصال التام عن الدولة، لكن الأدلة تشير إلى أنها بحاجة إلى الاستقلالية لاتخاذ قراراتها. في الواقع، كان التحرر من التدخل الخارجي مصدر قلق طويل الأمد بين الطلاب والمعلمين؛ خلال الربيع العربي، أدركت العديد من الحركات الطلابية المحتجة في الجامعات العربية مخاطر نضالهم، وراهنت على الحق في انتخاب مسؤولي جامعاتهم والتنظيم دون تدخل سياسي؛ مثل تنظيم المؤتمرات الأكاديمية والمشاركة في برامج التبادل الدولي والنشر بحرية في المنافذ العالمية.
هناك دليلان رئيسيان يؤكدان على أهمية استقلالية المدرسة؛ أولاً، استثمر البنك الدولي مليارات الدولارات في إصلاح التعليم في العالم العربي، لكن هذه الاستثمارات أفضت إلى القليل من التحسن في نتائج التعلم أو النجاح الاقتصادي للخريجين، خلص خبراء البنك الدولي إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الوضع هو سيطرة الدولة على الأموال الممنوحة لمسارات الاصلاح؛ فالذين يسيطرون على هذه الأنظمة يستولون على الأموال ولا تخصص للقطاعات المحتاجة، هذا يترك المعلمين يشعرون بافتقار لقيمة عملهم.
ثانيًا، غالبًا ما كانت الإصلاحات التعليمية الناجحة في مناطق عديدة تعتمد على منح المدارس والجامعات مساحة أكبر لاتخاذ قراراتهم، دون ضغوط مستمرة من بيروقراطية الدولة، كان هذا هو الحال في أمريكا اللاتينية وشرق آسيا؛ حيث تميزتا في السنوات الأولى في حقبة ما بعد الاستعمار بمستويات متواضعة من التعليم على غرار العالم العربي، ولكن بمرور الوقت تحسنت أنظمتهم جزئيًا لأن المعلمين تمكنوا من تخفيف بعض الضغوط السياسية الملقاة عليهم، والحفاظ على تنفيد حلول مبتكرة لمشاكل التعلم.
7- نلمس في الكتاب ذكر أرقام مهمة مع توظيفها بشكل منهجي؛ أحدها ما ذكرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن “رداءة جودة التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعادل ما يقرب من ثلاث سنوات ضائعة من التعليم.” وفي نفس الوقت نجدُ أن المدرسة العمومية “المعطوبة” لازالت تنتجُ علماء وأكاديميين بجودة عالية يندمجون بسرعة في مجتمع المعرفة الغربي، أين الخلل اذن؟
يمكن تقديمُ تفسير لهذه المفارقة من خلال عاملين من عوامل الذات؛ أولاً، تأتي العديد من منتجات التعليم العربي التي يبدو أنها تتكامل جيدًا مع الاقتصادات القائمة على المعرفة في الغرب من مجموعات نخوبية نسبيًا، وهذا يجسد عدم المساواة العميق في العديد من هذه الأنظمة التعليمية؛ يمكن للنخب الممتلكة لثروة أو العلاقات أن يتحملوا تكاليف التعليم الخاص، والدروس الخصوصية، وغيرها من الفرص التي لا يتمتع بها البقية، ونتيجة لذلك؛ فإن عدم المساواة المتأصل في أوامر الوصول المحدودة يعيد إنتاج نفسه.
ثانيًا، يزدهر العديد من المهاجرين العرب من خلفيات غير نخبوية بالفعل في الغرب؛ ومع ذلك، فإن هؤلاء الأفراد يمثلون دليلاً دامغًا على قوة أطروحة كتابنا؛ لا تأتي أزمة التعليم العربي من الثقافة أو المجتمع، ولكن من القيود السياسية الواسعة التي تكبل مسارات حياة المواطنين، عندما يتجاوز المواطنون العرب هذه القيود يبرزون في الاقتصادات القائمة على المعرفة، وهي حجة دامغة تفيد بأن روح ريادة الأعمال وبذور النجاح موجودة لدى جميع الشباب في منطقتنا.
8- قدمتم ملاحظة مهمة مفادها بأن التحول من التعليم باعتباره حاضنة للخدمة المدنية إلى التعليم باعتباره رافعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي، يشكلُ تهديداً للفاعل السياسي لأنه يجعل التعليم يُقدمُ أدوار غير تلك التي أنيطت به من طرف السلطة لأجل تكوين “ولاءات سياسية وبناء هوية وطنية لطلاب”، هل هذا يعني غياب ارادة سياسية لأجل القيام بإصلاح حقيقي لمنظومة التعليم؟
أكبر الدول العربية عالقة في مأزق؛ فمن ناحية، يدركون الحاجة الماسة إلى تحسين أنظمتهم التعليمية الفاشلة، بسبب اقتصاداتهم الراكدة، والحاجة إلى الاندماج مع السوق العالمية، وأدائهم السيئ في معايير الاختبار الدولية، وهم يدركون أيضًا أن مجتمعاتهم تغذيهم رغبة عميقة في تحسين تعليمهم والحصول على فرص أفضل، ومع ذلك؛ فإن إعادة تشكيل أنظمتهم التعليمية بشكل جذري من شأنه أن يخلق مواطنين يهددون مواقع المهيمنين ويزعزعون استقرار الهياكل المرسخة لعدم المساواة، إنهم بحاجة إصلاح منظومة التعليم، وهو ما يُقِرُ ويرغبُ به كثيرون، لكن الاعتبارات السياسية تمنعهم من الالتزام الكامل بمسار الإصلاح.
دول الخليج الصغيرة لديها مشكلة مختلفة؛ لقد طبقوا نماذج أجنبية للتعليم من أجل تغذية الاقتصادات المدعومة بشكل كبير من ريع الطاقة، ومع ذلك؛ فإنهم بذلك لا يستفيدون من مكاسب الإصلاح التربوي الحقيقي، لأن نوع التعلم والبحث المتجسد في أنظمتهم التعليمية المستوردة يظل مقيدًا بالسياسة أيضًا؛ لذلك يجب أن تكون الحلول التعليمية عضوية، فهي غير قابلة للاستيراد من الخارج.
9- هل يمكنُ أن نفهمَ من الكتاب أنكم دافعتم على فكرة “خصخصة التعليم”، حينما ربطتم نجاح التعليم بإصلاح النظام الاقتصادي والسياسي في الوطن العربي وجعله أكثر ديمقراطية وانفتاحاً؟ ألا ترون أن نماذج التعليم الليبيرالية اليوم تعاني بدورها من أزمات داخلية، والعالم اليوم يشهد تقديم نماذج “سلطوية” ناجحة في سياساتها التعليمية، ألا يعني هذا امكانية الجمع بين السلطويات والتعليم الجيد في الوطن العربي؟
الكتاب لا يدافع عن الخصخصة، فهي ليست حلاً؛ في العديد من البلدان مثل مصر، كانت الخصخصة استجابة لأعباء الميزانية المتمثلة في الحفاظ على مدارس عامة غير فعالة، كانت أيضًا طريقة للتكيف مع الضغوط الاقتصادية النيوليبرالية، ومع ذلك، تؤدي الخصخصة إلى تفاقم عدم المساواة المتجذرة في نظم التمكين المحدودة، عادة ما يكون الذين يمكنهم الاستفادة من أفضل المدارس الخاصة إلى أن يكونوا من نخبة المجتمع، وهو ما ينتج عنه نظام متشعب؛ حيث تظل الغالبية العظمى من المجتمع محاصرة في المدارس الفاشلة بينما يتاح لأقلية النخبة الخروج من هذا النظام والنجاح.
يظهر فشل الخصخصة في قطاع التعليم بشكل متوازي مع شروع عدد من الدول العربية في خصخصة اقتصاداتها؛ غالبًا ما كان الفساد والمحسوبية والزبائنية تعمُ ممارسة خصخصة الشركات المملوكة للدولة والأصول العامة، لقد أثرت النخب المرتبطة بالسياسة نفسها، في المقابل معظم المواطنين لم يروا أي تحسن حقيقي في مستويات عيشهم، علاوة على ذلك، تظل العديد من الشركات المخصخصة خاضعة للنفوذ السياسي بقدر ما نظرًا لهيمنة نموذج المحسوبية عليها، إن المدارس التي تم خصخصتها في العالم العربي نادرًا ما تكون مستقلة من هيمنة الدولة، ما يحدث من زبونية في الاقتصاد يتكرر في التعليم.