الصحافة _ كندا
تتواصل احتجاجات ما بات يعرف بـ“جيل Z” لليوم السادس على التوالي في عدد من المدن المغربية، بينها الدار البيضاء والرباط وطنجة، رافعة شعارات سياسية واجتماعية واقتصادية تطالب برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وتدعو إلى تدخل الملك محمد السادس بشكل مباشر.
ورغم حساسية الشعارات، اتسمت المظاهرات اليوم بسلمية واضحة، حيث احتشد المئات في الساحات العمومية منددين بغلاء المعيشة، ومطالبين بإطلاق سراح الناشط ناصر الزفزافي وجميع معتقلي الرأي. في المقابل، اكتفت قوات الأمن بالحضور الميداني دون تسجيل أي تدخل لفض الوقفات، في خطوة لُوحظ أنها تختلف عن تعاملها في بداية موجة الاحتجاجات السبت الماضي.
في الدار البيضاء، صدحت حناجر المحتجين بشعارات قوية من قبيل: “الشعب يريد تدخل الملك”، فيما رفع آخرون لافتات تهاجم الفساد وتندد بما وصفوه بـ“إفقار الطبقات الوسطى والشعبية”. أما في الرباط، فقد تحولت الوقفة أمام البرلمان إلى مشهد لافت حين حيا المحتجون عناصر الشرطة على حيادهم وعدم استعمال القوة.
لكن أجواء السلمية لم تمنع حالة توتر اجتماعي واقتصادي، إذ عمدت محلات تجارية إلى إغلاق أبوابها مبكرًا، فيما أفرغت أخرى من السلع والذهب تحسبًا لاندلاع أعمال شغب.
في الوقت نفسه، تواصلت مشاهد العنف ليلاً في مدن سلا والقليعة ضواحي أكادير، حيث اندلعت مواجهات عنيفة انتهت بمقتل ثلاثة شبان بعدما أطلق عناصر من الدرك الملكي النار على مجموعة حاولت اقتحام مركز للدرك، وفق ما وصفته السلطات بـ“الدفاع الشرعي عن النفس”. وشهدت سلا عمليات تخريب وحرق سيارات شرطة وفروع بنوك، قبل أن تتمكن التعزيزات الأمنية من السيطرة على الوضع واعتقال العشرات.
ورغم هذه الأحداث، شدد وزير الإدماج الاقتصادي يونس السكوري، في أعقاب المجلس الحكومي، على أن غالبية شباب “جيل Z” تظاهروا بشكل سلمي، مؤكداً أن من يقود النقاش عبر منصات مثل “ديسكورد” لا يتبنى العنف ولا التخريب. وقال إن “الشاب الذي يخرج نهارًا لرفع مطالبه ليس هو نفسه الذي يضع القناع ليلاً لإحراق الممتلكات”.
وأضاف السكوري أن المغرب يعيش لحظة تاريخية مهمة، حيث تعبر أجيال متقاربة عن أولوياتها بشكل مباشر، وهو ما يفرض على الحكومة “الإنصات واتخاذ إجراءات فعلية” بدل الاكتفاء بالخطابات.
وبينما تواصلت المظاهرات في مدن أخرى مثل طنجة وتطوان والدار البيضاء، شهدت الأخيرة مسيرة للتضامن مع الشاب أمين بوسعادة الذي قضى بعد دهسه من طرف سيارة شرطة في وجدة. وقد اعتمدت السلطات في هذه المدن، بحسب مصادر محلية، “مقاربة حذرة” بتجنب استخدام القوة، تجنبًا لأي تصعيد جديد قد يوسع رقعة الغضب الشعبي.
الاحتجاجات التي انطلقت من منصات التواصل وتغذت من نقاشات شبابية افتراضية، باتت اليوم اختبارًا لمصداقية الحكومة وقدرتها على احتواء موجة اجتماعية عارمة، في وقت يتصاعد فيه شعار واحد يهز الشارع المغربي: “الشعب يريد رحيل أخنوش”.