الصحافة _ كندا
يستمر ملف السكن في المغرب في إثارة نقاش واسع داخل البرلمان والرأي العام، بعدما تباينت بشدة الأرقام الرسمية المقدَّمة من الحكومة حول حصيلة “برنامج الدعم المباشر للسكن” مع الواقع الميداني الذي يسجله المواطنون والمهنيون، خصوصاً في ما يتعلق بالارتفاع الكبير في أسعار الشقق بعد إطلاق البرنامج.
النائبة فاطمة التامني عن فيدرالية اليسار دقت ناقوس الخطر، محذّرة من “ارتفاع مهول وغير مسبوق” لأسعار السكن الاقتصادي، إذ كشفت أن شققاً كانت تُباع بـ 25 مليون سنتيم أصبحت تُعرض بأكثر من 45 مليوناً، أحياناً مقابل تحسينات شكلية فقط. واعتبرت التامني أن ارتفاع الأسعار ترافق مع “تراجع جودة البناء” وظهور عيوب خطيرة في شقق حديثة، مشيرة إلى أن جزءاً من الدعم العمومي انتقل فعلياً إلى “جيوب بعض المنعشين العقاريين”، الأمر الذي شجع على تفشي “النوار”.
كما تساءلت النائبة عن الإجراءات العاجلة لوقف المضاربات وضبط الأسعار المرجعية قبل دخول البرنامج حيّز التنفيذ، مطالبة بمراقبة صارمة لدفاتر التحملات ووقف “الغش والتحايل” الذي يمسّ كرامة المواطن.
ومن جهتها، اعتبرت النائبة لبنى الصغيري عن حزب التقدم والاشتراكية أن أزمة السكن تُظهر “إخفاق السياسات الحكومية” في القطاع، مشيرة إلى أن حلم امتلاك شقة أصبح بعيد المنال، خاصة بالنسبة للشباب والأسر محدودة الدخل. وربطت الصغيري تفاقم الأزمة بارتفاع أسعار العقار وتراجع القدرة الشرائية، وضعف الرقابة، وارتفاع كلفة البناء، وتعثر برامج السكن الاجتماعي والمتوسط.
وفي المقابل، قدمت الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري حصيلة وصفتها بـ“الإيجابية”، مؤكدة أن البرنامج حقق أهدافاً اجتماعية واقتصادية مهمة. وكشفت أن 159.385 شخصاً تأهلوا للاستفادة، و75.760 حصلوا فعلاً على الدعم، بينهم 24% من مغاربة العالم. وأبرزت أن 47% من المستفيدين نساء و55% شباب أقل من 40 سنة، فيما ارتفع عدد المستفيدين شهرياً بـ39%.
وأكدت الوزيرة أن البرنامج أنعش القطاع، مبرزة زيادة في مبيعات الإسمنت بنسبة 11,29%، وارتفاع القروض الموجهة للسكن بنسبة 3%، وللمستثمرين العقاريين بـ4,5%، ومساهمة المقاولات الصغرى بأكثر من 80% في هذا الانتعاش.
وفي المجال القروي، كشفت المنصوري أن البرنامج القديم لم يحقق الأهداف المرجوة، إذ لم يُنجز سوى 2195 وحدة منذ 2019، بينما مكّن الدعم المباشر من تسجيل 4622 مستفيداً، وإطلاق 3000 وحدة جديدة موزعة على 49 مركزاً قروياً.
الحكومة أكدت أيضاً أنها تعمل، ضمن مشروع قانون المالية 2026، على تمكين المالكين على الشياع من الاستفادة من الدعم، ما سيُوسع قاعدة المستفيدين.
ورغم هذه الأرقام، يبقى التوتر بين الرواية الحكومية وما يعيشه المواطنون على أرض الواقع مرشحاً للتصاعد، في ظل استمرار الشكايات من ارتفاع الأسعار، مقابل إصرار الحكومة على أن البرنامج أحدث دينامية اقتصادية ووسع دائرة الولوج إلى السكن.














