الصحافة _ وكالات
استعادت تونس الأجواء الصاخبة التي كانت سائدة خلال الثورة ضد نظام بن علي، ولكنها اكتست هذه المرة طابعاً احتفالياً بعد فوز أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيّد، برئاسة الجمهورية، في حدث لقي ترحياً كبيراً داخل تونس وخارجها، فيما اعتبرت حركة النهضة أن مهمة سعيد ستكون «صعبة» في ظل الأوضاع العامة التي تعيشها البلاد.
وكانت استطلاعات الرأي أكدت فوز المرشح المستقل، قيس سعيد، بفارق كبير عن منافسه رجل الأعمال نبيل القروي، حيث نال سعيد 77 في المئة من نسبة الأصوات، فيما اكتفى منافسه بنسبة 23 في المئة فقط.
وقال سعيد، عقب الإعلان عن نتيجة الانتخابات من قبل استطلاعات الرأي: «الدولة ستستمر بقوانينها وتعهداتها الدولية. ليطمئن الكثيرون بأننا نعي ما نقول، لأننا نعرف حجم المسؤولية وما معنى الدولة التي يجب أن تستمر بقوانينها وكل تشريعاتها. والعلاقات في الداخل ستبنى على الثقة والمسؤولية (…) وسنعمل في الخارج من أجل القضايا العادلة وأولها القضية الفلسطينية، وسنبني علاقات جديدة مع كل الأمم والشعوب».
ورحبت أغلب الأطراف السياسية في تونس بفوز سعيد برئاسة الجمهورية، حيث تلقى اتصالاً من منافسه نبيل القروي، عبّر فيه عن «تمنياته له بالنجاح في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس، ودعمه له في كل الخطوات التي تخدم مصلحة تونس والشعب التونسي»، وفق خبر نشره موقع قناة «نسمة» الخاصة التي يملكها القروي.
وفي اتصال آخر مع راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، أكد القروي «استعداده للتعاون والعمل المشترك مع حركة النهضة في سبيل خدمة الدولة والشعب».
فيما اعتبر عبد الفتاح مورو، نائب رئيس الحركة، أن سنوات حكم قيس سعيد ستكون «صعبة جداً ليست منه بل عليه»، معتبراً أن «الشعب التونسي لجأ إلى قيس سعيد لإنقاذه من مجلس نواب الشعب القادم، وليشكو له ما ستؤول إليه الأوضاع في البرلمان القادم، نظراً لتشتته حيث سيلتهي النواب في العراك وينسون مصلحة الشعب، وهو يرجوه أن يعيد له قيم الثورة»، مشيراً إلى أن «التونسيين – بانتخابهم قيس سعيد- أعادوا الحياة لقيم الثورة وإصلاح البلاد وتنظيفها لإنشاء تونس جديدة».
فيما اعتبر رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أن بلاده «قدمت صورة للعالم في الانتقال السلمي للسلطة ورسالة كبيرة ومؤثرة من كل أطياف الشعب التونسي (…) الشباب صوت بكثافة، وهو مؤشر صحي للديمقراطية التونسية»، مضيفاً: «الشعب التونسي صوت ضد منظومة الفساد بأذرعها الإعلامية والسياسية، وهذا مؤشر إيجابي لمستقبل تونس وديمقراطيتها الوليدة».
وهنأ حزب التيار الديمقراطي الرئيس الجديد، ودعاه لأن يكون «الضامن الفعلي لاحترام الدستور، راجياً من الجميع العمل على الانتقال إلى مرحلة يسود فيها الدستور وتحترم فيها القوانين وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، ثم العمل -سلطة ومعارضة ومجتمعاً مدنياً- على القطع مع مظاهر التسيب وغياب سلطة القانون وانتشار الفساد والمحسوبية، كالقطع مع الرداءة في العمل السياسي، من أجل تونس متقدمة وحرة وآمنة».
واعتبر الناطق باسم الحزب، غازي الشواشي، أن «التونسيين صوّتوا ضد المنظومة الفاسدة، ونبيل القروي لا يمكنه أن يكون رئيساً للجمهورية لأنه يمثل خطراً على مسار الانتقال الديمقراطي»، معتبراً أن تصويت أكثر من 3 ملايين تونسي لصالح سعيد هو أشبه بالاستفتاء.
ودوّنت لمياء الخميري، الأمينة العامة لحزب الحراك (حزب منصف المرزوقي): «سطر شباب تونس في ديسمبر من سنة 2010 أحرف ثورته بأحرف من ذهب بصدورهم المخضبة بدمائهم الزكية. اليوم وفي أكتوبر 2019 سطر الشباب أحرف ثورته بأصابعهم المخضبة بحبرهم الانتخابي. الشباب التونسي صنع معجزة ثورته، وقدر على ما لم تقدر عليه أجيال متعاقبة من شباب شاب في هذا البلد دون أفق. هنيئاً لكم انتصاركم».
وتلقى سعيد اتصالاً من رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السراج، هنأه فيه على ثقة الشعب التونسي وانتخابه رئيساً للبلاد، مشيداً بتمسك الشعب التونسي بالمسار الديمقراطي وبمبدأ التوافق، وحرصه على الاستقرار واستيعاب الاختلافات السياسية.
فيما اعتبرت حركة حماس الفلسطينية أن فوز سعيد برئاسة تونس «يشكل دعماً كبيراً للقضية الفلسطينية والقضايا العادلة»، مهنئة الشعب التونسي بـ»هذه التجربة الديمقراطية الرائعة التي شكلت أملاً ونموذجاً لكل أبناء الأمة، ومثلت انتقالاً كبيراً بتونس نحو مزيد من الاستقرار والازدهار بإذن الله».
ويُنتظر أن يعقد البرلمان التونسي الحالي جلسة مخصصة لأداء اليمين الدستورية للرئيس الجديد، عقب الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية من قبل هيئة الانتخابات.