الصحافة _ كندا
أكد المرصد المغربي للحماية الاجتماعية، في تقريره حول سياسات الحماية الاجتماعية لسنتي 2024 ـ 2025، أن الانتقال نحو منظومة فعّالة وعادلة ما يزال رهيناً بتنفيذ إصلاحات عملية تتجاوز الطابع القانوني نحو التعميم الفعلي للحقوق والخدمات الاجتماعية.
وأشار التقرير، الذي عُرض خلال ندوة صحافية بالرباط يوم السبت 22 نونبر 2025، إلى أن ضمان الحقوق الاجتماعية الأساسية، خاصة الصحة والدعم والحماية من البطالة، يحتاج إلى مقاربة جديدة تقوم على “الاستهداف الحقوقي” بدل التركيز على الأرقام والوعود.
ويسجل التقرير أن توسيع التغطية الصحية الإجبارية يتطلب إعادة هيكلة حكامة القطاع الصحي وتوحيد القرار لتفادي تشتت المسؤوليات، مع تعزيز آليات المساءلة. كما شدد على أن إصلاح نظام التغطية الخاص بالمستقلين “AMO-TNS” يعد أولوية لضمان استدامته وفعاليته، داعياً إلى اعتماد طريقة جديدة لاحتساب المساهمات بناء على الدخل الفعلي.
ودعا التقرير أيضاً إلى تعزيز الاستدامة المالية عبر مراجعة التعريفة المرجعية وضبط التضخم الطبي وتأطير العلاقة مع المصحات الخاصة وربط الأداء بجودة الخدمات، مع التأكيد على ضرورة إعادة الاعتبار للمستشفى العمومي عبر استثمارات أكبر توقف النزيف نحو القطاع الخاص.
كما نبه المرصد إلى ضرورة تحقيق عدالة مجالية في توزيع الموارد الصحية، وتفعيل المجموعات الصحية الترابية، وتوحيد نظام المعلومات لتسهيل الولوج إلى العلاج، مع توسيع سلة العلاجات وضمان توفر الأدوية الجنيسة ومراقبة سوق الدواء لمحاربة تضارب المصالح.
وبخصوص الدعم الاجتماعي المباشر، يرى التقرير أن البرنامج الحالي رغم أهميته يحتاج إلى شفافية أكبر في منظومة الاستهداف، وأن اعتماد معطيات الإحصاء العام لسنة 2024 سيشكل فرصة لتصحيح الأخطاء التي تحرم بعض الأسر الهشة من الدعم.
وأكد المرصد ضرورة إدراج مؤشرات الإعاقة في السجلات الاجتماعية ضماناً لحقوق الأسر التي تعيل أشخاصاً في وضعية إعاقة. كما دعا إلى تأمين مصادر تمويل قارة للدعم الاجتماعي عبر آليات جبائية تضامنية وترشيد كلفة المقاصة دون الإضرار بالأسر الضعيفة، بالإضافة إلى رفع قيمة الدعم وربطه بمؤشرات الأسعار لحماية القدرة الشرائية.
وأشار التقرير إلى أن الدعم ينبغي ربطه بسياسات الإدماج الاقتصادي، عبر برامج مواكبة التشغيل ودعم المقاولات الصغرى وتمكين المرأة القروية والأشخاص في وضعية إعاقة، حتى يتحول الدعم الاجتماعي من تحويل مالي إلى رافعة للتحرر الاقتصادي للفئات الهشة.
وفي ما يتعلق بإصلاح التقاعد، أكد المرصد أن نجاحه رهين بحوار اجتماعي فعلي يضمن توافقاً واسعاً حول الانتقال نحو قطبين، عمومي وخاص، إضافة إلى إصلاح نظام المستقلين باعتماد دخل حقيقي وتخفيف العبء على المهن الهشة وتحفيز الانتظام في الأداء.
واقترح التقرير إصلاحات اكتوارية تدريجية لاحتواء العجز، ورفع الحد الأدنى للمعاشات في القطاع الخاص، وتوحيد قواعد الاحتساب بين القطاعين، مع تعزيز الحكامة عبر نظام معلومات موحد ونشر تقارير اكتوارية سنوية.
أما بخصوص التعويض عن فقدان الشغل، فيرى المرصد أنه يمثل الحلقة الأضعف في ورش الحماية الاجتماعية، داعياً إلى إعداد قانون جديد يوسع شروط الاستفادة لتشمل العاملين لحسابهم الخاص بعد إدماجهم في “AMO-TNS”.
وشدد على ضرورة رفع مدة التعويض وقيمته وربطهما ببرامج إعادة الإدماج المهني، مع إحداث صندوق مستقل لتمويل التعويض يعتمد على مساهمات متدرجة وموارد تضامنية إضافية، وتعزيز التنسيق بين الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووكالة إنعاش التشغيل ووكالة الدعم الاجتماعي لضمان استهداف دقيق للحالات.
ويخلص التقرير إلى أن الحماية الاجتماعية ليست فقط تحويلات مالية أو رقمنة للمساطر، بل مشروع لإعادة بناء العلاقة بين المواطن والدولة، وترسيخ ثقة أوسع وضمان عدالة اجتماعية أقوى وتماسك مجتمعي حقيقي.














