الصٌَحافة _ وكالات
اتهم أول تقرير رسمي مغربي حول أحداث حراك الريف، جهات خارجية باستغلال الأحداث ومحاولة الركوب عليها، مشيدا باحترام القانون من طرف السلطات المغربية، متجاهلا تعذيب قائد الحراك، ومسجلا “احتضان” المجتمع المغربي وأحزابه السياسية للقضية.
جاء ذلك في ندوة صحافية عقدت الخميس 4 يوليو الجاري، قدم خلالها المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، شوقي بنيوب، تقريرا حول حراك الريف، بعنوان “أحداث الحسيمة وحماية حقوق الإنسان”.
ونوه شوقي بنيوب إلى “استغلال أطراف جانبية، وقوى أجنبية للأحداث، فكل حدث متوتر لا يمكن إلا أن يكون موضوع استغلال”.
وأضاف أن “الحديث عن الاستغلال الأجنبي سبق أن قالت به عدد من تقارير المنظمات الحقوقية ومن استغل لم يصل لأشياء كبيرة”.
ورغم إصرار الصحافة، لم يخرج المسؤول الحكومي المغربي عن تحفظه حول تلك الجهات والأطراف التي استغلت أو حاولت استغلال حراك الريف لصالحها.
وعاد بنيوب واستدرك قائلا: “إنه وبالرغم من اندلاع أحداث الحسيمة في مناخ إقليمي ملتهب، إلا أنها عرفت بالقطيعة مع التوجه الإقليمي، وهو ما برز من خلال تأكيد كافة المعتقلين حتى خلال أطوار محاكمتهم على نفي تهمة الانفصال”.
ووصف أحمد شوقي بنيوب تعاطي المجتمع المغربي، والأحزاب السياسية، مع الأحداث فيما وصفه بـ”الاحتضان”.
وقال إن “الطبقة السياسية أولت، من خلال الفرق، والمجموعات، في مجلسي البرلمان، أهمية خاصة لأحداث الحسيمة، وقضايا التنمية في المدينة، وعلى صعيد أقاليم المنطقة، من خلال الأسئلة الكتابية، والشفوية، مقدما المواضيع المثارة بخصوص المنطقة في الأسئلة، التي قدمها كل فريق نيابي على حدة”.
وسجل التقرير، أن “فريق العدالة والتنمية كان على رأس الفرق النيابية، التي تقدمت لمساءلة الحكومة على أكبر عدد من المواضيع، المتعلقة بحراك الريف، والمنطقة، يليه فريق الأصالة والمعاصرة”.
واعتبر أن “التعاطي السياسي مع أحداث الريف، عكس انشغالات الطبقة السياسية، بغض النظر عن تموقعها في الأغلبية أو المعارضة، كما انتقلت لتصبح حدثا تحتضنه الأمة”.
وشدد على أن “أحداث الريف، وحدت كل الأطياف السياسية من يسار، وإسلاميين في التضامن، فالمسيرات التي خرجت في عدد من المدن، منها العاصمة الرباط للتضامن مع المنطقة، واحتضانها”.
وخلص التقرير إلى أن “معتقلي الريف تمتعوا بضمانات المحاكمة العادلة، حيث لم تخرج التدابير القضائية، بخصوص نطاق المتابعة عن ضمانات المحاكمة العادلة، كما تصرفت النيابة العامة بمناسبة تكييف الأفعال المحالة عليها بطريقة مالت إلى دائرة الجنح أكثر من دائرة الجنايات، وإلى تمتيع عديد المتابعين بالسراح المؤقت، كما تفادت إلى أبعد الحدود، متابعة الأحداث الجانحين”.
واعتبر أن “هيئة الحكم المنعقدة على صعيد المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء وفرت ضمانات المحاكمة العادلة، فالموضوعية المهنية والتقاليد العريقة في ملاحظة المحاكمات، تقتضي الوقوف عند الأجوبة التي تقدمها الأحكام والقرارات، للدفوع والطلبات، والملتمسات والطعون المقدمة بشأنها”.
وذهب التقرير إلى أن “العديد من المؤاخذات لم تكلف نفسها عناء الاطلاع على الحكم الابتدائي، وتصدت له بالنقد دون الاطلاع على أجوبته، وهذا أمر غير متعارف عليه بين الحقوقيين والقانونيين في هذا المجال”.
وأضاف التقرير أن “معظم المؤاخذات والانتقادات التي وجهت للحكم الابتدائي في حق المعتقلين سكتت عن الأسلوب الذي نهجه المتابعون في الملف، حيث أمنت لهم المحكمة حقهم الكامل في التعبير عن إرادتهم الحرة، وعن أفكارهم وتصوراتهم واعترافاتهم، وهو ما قاموا به دون أن تقاطعهم هيأة الحكم، وتولوا ذلك بالعبارات والخطب والصيغ التي اختاروها، بل نقل بعضهم أجواء التوتر التي عرفتها الحسيمة بكل ثقلها إلى أجواء المحكمة”.
وأفاد أن “مقاطعة المتابعين للجلسات لم تقدم بشأنها أجوبة معللة”.
ورفض بنيوب الإجابة عن سؤال الصحافة حول شريط فيديو أظهر تعرض زعيم قائد حراك الريف ناصر الزفزافي للتجريد من ملابسه، وفضل الحديث عن الأحكام بشكل جماعي.
وأوضح التقرير أن “هذه المؤاخذات قدمت دون الرجوع إلى الأجوبة الدقيقة التي عالجت بها المحكمة ما عرض عليها، قبل أن يخلص إلى أن المؤاخذات لا تملك ما يكفي من العناصر للتفاعل معها، فضلا عن التعميم عند التعرض إلى الموضوع”.
ومضى يقول إن “الإنصاف يقتضي استحضار موقف الدولة القانوني، عندما انتصبت كطرف مدني، وهي ملزمة بحماية الموظفين، لكنها لم تتصرف بمنطق الخصومة مع المتهمين، ولم تطالب بأي عقوبة ضدهم رغم إضرام النار بإقامة خاصة كانت تأوي عناصر أمنية، مما خلف 84 جريحا، منهم من أصيب بضربات عنيفة”.
وأوصى التقرير “بتتبع أوضاع المحكومين كسجناء، في انتظار استعادتهم لحريتهم، ومواكبة عائلاتهم، والعمل على إدماج ممن صدر في حقهم العفو أو ممن قضوا المدد المحكوم بها، معتبرا ذلك واجب أخلاقيا، وتفرضه القيم الإنسانية”.