تفاوت اجتماعي متزايد بالمغرب.. طبقة وسطى منهكة رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية!

21 فبراير 2025
تفاوت اجتماعي متزايد بالمغرب.. طبقة وسطى منهكة رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية!

الصحافة _ كندا

كشفت المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها الأخير عن مفارقة لافتة في مستويات المعيشة بالمغرب، حيث يتواصل تفاقم الفوارق الاجتماعية رغم تسجيل تحسن عام في بعض المؤشرات الاقتصادية. فقد ارتفع مؤشر التفاوت من 39.5% إلى 40.5%، بعد أن كان قد شهد تراجعًا طفيفًا في عام 2019، مما يثير تساؤلات حول مدى استفادة مختلف الفئات من هذا التطور الاقتصادي.

التقرير أظهر أن عدد المغاربة الذين يعيشون في وضعية هشاشة اقتصادية بلغ حوالي 4.75 مليون شخص في عام 2022، وهو ما يعكس نتائج متباينة للسياسات الاجتماعية والاقتصادية المتبعة. ففي حين شهدت الفئات الأكثر فقرًا، كما الفئات الميسورة، تحسنًا نسبيًا في مستوى المعيشة، فإن الطبقة المتوسطة لم تستفد بنفس الوتيرة، ما يضعها في موقع الحلقة الأضعف في التوازن الاقتصادي والاجتماعي.

المعطيات الرسمية أظهرت انخفاض معدلات الفقر المطلق على المستوى الوطني بين 2014 و2022، حيث تراجعت من 4.8% إلى 3.9%، لكن هذا التراجع لم يكن موحدًا بين الوسطين الحضري والقروي. ففي المدن، ارتفع المعدل من 1.6% إلى 2.2%، بينما انخفض في المناطق القروية من 9.5% إلى 6.9%، ليصل العدد الإجمالي للفقراء في المغرب سنة 2022 إلى 1.42 مليون شخص، يتوزعون بين 512 ألفًا في الوسط الحضري و906 آلاف في الوسط القروي.

أما على مستوى النفقات الأسرية، فقد سجل متوسط الإنفاق السنوي ارتفاعًا من 76,317 درهمًا في 2014 إلى 83,713 درهمًا في 2022، إلا أن هذا التطور رافقه تباطؤ في نمو الاستهلاك بين 2019 و2022، ما يثير تساؤلات حول طبيعة هذا النمو الاقتصادي ومدى تأثيره على مختلف الشرائح المجتمعية.

المحلل الاقتصادي محمد جدري أوضح أن تقرير المندوبية يغطي الفترة الممتدة من 2014 إلى 2022، ما يعني أن التطورات المعيشية للمغاربة خلال هذه الفترة تعكس تحسنًا عامًا، لكنه لم يكن خاليًا من التداعيات السلبية، خاصة تلك التي خلفتها جائحة كورونا، إذ فقدت العديد من الأسر مصادر دخلها، كما تأثرت مستويات المعيشة بارتفاع الأسعار وتزايد تكاليف المعيشة.

ورغم هذا، سجل التقرير تحسنًا في نسب الفقر المطلق ومتعدد الأبعاد، بفضل الجهود المبذولة في تحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية كالصحة، التعليم، الماء والكهرباء، مما ساهم في تراجع الفقر متعدد الأبعاد مقارنة بالسنوات الماضية.

لكن التفاوتات الاقتصادية بين الفئات الاجتماعية لا تزال بارزة، حيث كشف التقرير أن الطبقة المتوسطة لم تشهد تحسنًا ملحوظًا بين 2014 و2019، وهو ما يعزوه الخبراء إلى كونها الفئة الأقل استفادة من الامتيازات الاجتماعية، مقارنة بالطبقات الفقيرة التي تحظى بدعم مباشر من الدولة.

من جهة أخرى، أظهر التقرير استمرار التفاوتات الجهوية، حيث لا تزال خمس جهات فوق عتبة الفقر، خاصة فاس-مكناس وخنيفرة-بني ملال التي تواجه تحديات مرتبطة بشح المياه والجفاف، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لتجاوز هذه الأزمات. كما تعاني مناطق أخرى مثل الجهة الشرقية، ودرعة-تافيلالت، وكلميم-واد نون من نقص في البنية التحتية، بما فيها الطرق والمرافق الأساسية، ما يبرز الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات الموجهة لهذه الجهات لتقليص الفجوة التنموية.

ورغم كل هذه التحديات، أبدى جدري تفاؤله بمستقبل الوضعية المعيشية للمغاربة، مشيرًا إلى أن البحث المقبل للمندوبية السامية للتخطيط قد يعكس تحسنًا بفضل برامج الدعم الاجتماعي المباشر، التي من شأنها الرفع من مستوى العيش وتقليص الفوارق بين الفئات الاجتماعية، مما يسهم في تحقيق توازن اقتصادي أكثر عدالة بين مختلف طبقات المجتمع.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق