الصٌَحافة _ وكالات
لم تهدأ بعد الزوبعة التي أثارها خروج المنتخب المغربي لكرة القدم منهزما من نهائيات كأس أمم إفريقيا التي تجري أطوارها بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث تنوعت ردود الفعل ما بين استدعاء وزير الشباب والرياضة إلى البرلمان، والمطالبة باستقالة رئيس الاتحاد الكروي (الذي يُطلق عليه في المغرب الجامعة الملكية لكرة القدم)، والدعوة إلى إجراء فحص مالي لميزانية هذه الجامعة، واستبدال المدرب الأجنبي بآخر مغربي، وإعداد منتخب قومي انطلاقا من لاعبي البطولة المحلية. وفي كل هذه النقاشات، كانت السخرية حاضرة من خلال التعليقات الطريفة والرسوم الكاريكاتورية وغيرها.
حين طالب برلمانيون بدعوة رشيد الطالبي العلمي (وزير الشباب والرياضة) للحضور إلى البرلمان لتقديم توضيحات حول نتيجة مشاركة المغرب في البطولة الإفريقية، كان الرأي العام يتوقع أن يكتفي المسؤول المذكور بتقديم تبريرات، أكثر من كونها إجابات مقنعة، وهو ما حصل حين مَـثُـلَ الوزير، الاثنين الماضي، في جلسة عامة بالبرلمان المغربي، تابعها المشاهدون عبر النقل التلفزيوني المباشر.
وخلف كلام المسؤول الحكومي مواقف ساخطة خاصة حين حاول التخفيف من حدة الانتقادات بالطرائف والمستملحات، من خلال لجوئه إلى الثقافة الشعبية وحديثه عن “التقواس” أي الإصابة بالعين المنحوسة. وكتب الصحافي المختص في الرياضة جمال اسطيفي تدوينة اعتبر فيها أن الوزير رشيد الطالبي العلمي قدم معطيات مغلوطة وروّج للدجل والخرافة في المؤسسة التشريعية للبلاد، حيث أرجع إقصاء المنتخب المغربي إلى الحرارة و”التقواس” ضد اللاعب حكيم زياش، وهذا في الواقع من قبيل “التخاريف”، لأن الحرارة عامل مشترك بين كل المنتخبات المشاركة، سواء العربية أو تلك التي تنتمي إلى إفريقيا جنوب الصحراء، أما حكاية “التقواس” فإنها تختصر نظرة الوزير لقطاع الرياضة.
وشن نشطاء “فيسبوكيون” حملة ساخرة من كلام وزير الشبيبة والرياضة المغربي على إثر تصريح أدلى به في مجلس النواب، حول فشل المنتخب المغربي في اجتياز منتخب بنين، والإقصاء المبكر الذي لحقه جراء الهزيمة. وكان الطالبي العلمي علق على تضييع زياش لركلة الجزاء، وعزا ذلك إلى غياب الحظ و”شي واحد قوّس عليه” (أحد ما ضربه بالعين). وخلف هذا التعليق جدلا واسعا في مختلف صفحات “فيسبوك”، وجلب سخرية لاذعة على كلام الوزير، الذي اعتبره البعض لا يمكن أن يصدر من مسؤول سياسي، وقام بعض النشطاء ببث فيديوهات تمزج بين تصريح العلمي ومقاطع ساخرة للكوميدي عادل إمام أو ضحكات موغلة في السخرية.
تصريحات وتصريحات مضادة
لم تسلم تصريحات أخرى للوزير المغربي من النقد، حيث رد عليه الصحافي الرياضي جمال اسطيفي بما يلي: زعم الطالبي العلمي أن المنتخب الوطني حقق في هذه الدورة انتصارات على منتخبات لم يسبق له أن فاز عليها، سواء في الداخل أو في الخارج. في الواقع لقد سبق للمنتخب الوطني أن فاز على كوت ديفوار في الداخل أو الخارج، لقد هزم المنتخب الإيفواري في تصفيات كأس إفريقيا 1994 بالدار البيضاء بهدف لصفر، كما أنه قبل عامين نجح المنتخب وتحديدا في “كان” الغابون 2017 في الفوز على كوت ديفوار بهدف لصفر، ثم جدد فوزه عليه في تصفيات كأس العالم بأبيدجان بهدفين لصفر.
أما منتخب ناميبيا فخسر عدة مرات أمام المنتخب وخصوصا في المغرب، علما أن مباراة رسمية واحدة جمعت بين المنتخبين بناميبيا وانتهت سلبا. أما جنوب إفريقيا فصحيح أن المغرب لم يسبق له الفوز عليه، إذ انهزم أمامه مرتين في “كان” 1998 و”كان” 2002، لكنه لم يسبق له أن واجه المغرب رسميا ببلادنا، ولذلك كيف سيفوز عليه المغرب في الداخل وهو لم يسبق له أن التقى به.
لكن في المقابل فإن بنين التي لم يسبق في تاريخها أن فازت على المنتخب، تغلبت عليه، مثلما أن مصر التي لم يسبق أن فازت على المنتخب منذ 1986 تجاوزته في “كان” الغابون 2017.
وتوالت التصريحات والتصريحات المضادة بين وزير الشباب والرياضة واللاعب زياش الذي أضاع ركلة جزاء حكمت على المنتخب المغربي بالخروج من النهائيات، حيث صرح الوزير الطالبي العلمي خلال الجلسة البرلمانية أن اللاعب المذكور تأثر بالانتقادات، وأنه لذلك لم يرد على 23 مكالمة هاتفية، في إشارة إلى أنه لن يلعب للمنتخب المغربي مجددا، وسارع زياش إلى الرد على كلام الوزير، داعيا إياه إلى عدم ترويج الأكاذيب، وأنه إذا أراد أن يأتي بشيء فإنه لا بد أن يأتي بأشياء حقيقية وليست كاذبة، ثم خرج مقربون من زياش ليؤكدوا أن اللاعب لا يضع قميص المنتخب الوطني محل مزايدة. ثم عاد زياش فتراجع عن التدوينة السابقة عقب اتصالات أجراها معه ساعون إلى الصلح، حيث شرحوا للاعب المذكور أن الوزير كان يحاول الدفاع عنه وعن بقية اللاعبين من خلال إثارة الانتباه إلى حالته النفسية الصعبة. ومن ثم، كتب زياش في تدوينته إن ما حصل مجرد سوء فهم من الجانبين، متمنيا حظا سعيدا للوزير في ما يقوم به من عمل من أجل الوطن.
أموال ضخمة ونتيجة هزيلة
على صعيد آخر، تنامت مطالب عدة بتغيير مدرب المنتخب المغربي، الفرنسي هيرفي رونار، وأجرت صحيفة “هسبريس” الإلكترونية استطلاعا للرأي في الموضوع، طرحت فيه السؤال: هل تؤيد بقاء رونار مدربا للمنتخب المغربي؟ فأجاب حوالي ستين مشاركا بـ”لا”. وهي نتيجة أكدها تحليل صحفي أشار إلى أن ارتباط الاتحاد المغربي مع المدرب رونار يسير نحو نهايته بعد تواضع نتائج المنتخب في كأس أمم إفريقيا. ورغم امتداد ارتباط الجامعة بالمدرب الفرنسي بعقد سارٍ إلى غاية صيف 2021، إلا أن الكثير من المؤشرات قرَّبت انفصال الطرفين بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من الارتباط، حقق فيها رونار نتائج متباينة، ونجح في كسر عقد تاريخية تواصلت لعشرات السنين، على غرار التأهل إلى نهائيات كأس العالم بعد 20 سنة من الغياب، وهزم كوت ديفوار والكاميرون وجنوب إفريقيا. غير أن الاعتماد الكلي لرونار، طيلة الفترة الماضية، على لاعبين على مشارف نهاية المسار، وإصراره على عدم منح الفرصة للاعبين آخرين وخلق نواة جديدة يمكن التعويل عليها مستقبلا، أعاد المنتخب المغربي بعد بطولة مصر إلى نقطة الصفر.
تعليقات أخرى انصبت على انتقاد الأجر العالي الذي يتقاضاه مدرب “أسود الأطلس”، فكتب الإعلامي والبرلماني السابق عادل تشيكيطو: هل تعلم عزيزي المواطن أن رونار يتقاضى شهريا 120 مليون سنتيم (125484 دولارا أمريكيا)، دون احتساب المكافآت والإقامة وتذاكر الطائرة والامتيازات، ملاحظا أن أجر رونار يعد الأضخم والأول ضمن قائمة 24 مدربا شاركوا في نهائيات كأس إفريقيا.
كما انتقد آخرون الميزانية الضخمة التي تخصص للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والتي تعد الأعلى من بين ميزانية الاتحادات الكروية الإفريقية التي شاركت في نهائيات كأس أمم إفريقيا، حيث تبلغ أكثر من 87 مليون دولار مقارنة مع الجزائر (27,6 مليون دولار وتونس 12,1 مليون دولار)، في حين لم تتعد ميزانية اتحاد كرة القدم في بنين التي هزم فريقها المنتخب المغربي 0,3 مليون دولار. ويطالب المنتقدون بالقيام بافتحاص وتدقيق في ميزانية الجامعة المغربية، معتبرين ميزانيتها الضخمة إهدارا للمال العام، كما يطالبون بإقالة رئيس الجامعة فوزي لقجع اقتداء بما جرى في مصر نتيجة خروج فريقها القومي من المسابقة الإفريقية. كما لا ينفكون يتبادلون التعبيرات الساخرة من المنتخب المغربي بسبب هزيمته أمام منتخب بنين، علاوة على الرسوم الكاريكاتورية التي يبدع فيها الرسامون أمثال الفنان أنفلوس والفنان الدرقاوي وغيرهما.