الصحافة _ كندا
في ما يشبه زلزالاً صامتاً داخل منظومة الصفقات العمومية، باشرت وزارة الداخلية إحالة ملفات حسّاسة تتعلق بطلبات عروض على لجنة الطلبيات العمومية، وذلك إثر ورود شكايات من مقاولات تتهم جهات ترابية ومؤسسات عمومية بصياغة دفاتر تحملات “مفصلة” على مقاس شركات بعينها.
وتركزت هذه الشكايات على صفقات أعلنتها جماعات ترابية ومؤسستان عموميتان، إذ تفيد بأن معايير المشاركة تم تصميمها بشكل يضيّق المنافسة ويقصي عمداً عدداً كبيراً من المقاولات، عبر فرض شروط تقنية غير متناسبة مع طبيعة المشاريع، أو اشتراط توفر عدد مبالغ فيه من المهندسين، أو خبرة في إنجاز صفقات مماثلة لا علاقة لها بحجم الأشغال المطروحة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن بعض الطلبات لم تتجاوز مرحلة تقييم العروض سوى ثلاثة ملفات فقط، قبل أن يتم إقصاء اثنين منها بدفوع تقنية دقيقة وُصفت بأنها “مفصلة لإقصاء الجميع باستثناء شركة بعينها”.
وقدّم المشتكون وثائق ومعطيات تعتبرها لجنة الطلبيات أدلة تستوجب التمحيص، ما دفعها إلى مطالبة المسؤولين عن هذه الصفقات بتقديم توضيحات مكتوبة حول كيفية تحديد المعايير وهوية من صاغها.
وكشفت نفس المصادر أن الوزارة قررت تعليق عدد من طلبات العروض التي لم تُفتح أظرفتها بعد، إلى حين استكمال التحقيقات، مع إمكانية إلغاء نتائج بعض الصفقات المعلن عنها، إذا تبيّن فعلاً وجود شروط غير قانونية حدّت من مبدأ المساواة بين المتنافسين.
وتؤكد مصادر مهنية أن بعض المسؤولين في جماعات محلية ومؤسسات عمومية أصبحوا يلجأون إلى إنشاء شركات بأسماء أقارب أو شركاء، قبل صياغة دفاتر تحملات “موجهة” تسمح لهذه الشركات بالفوز دون منافسة حقيقية، عبر إدراج معايير لا تنطبق إلا على جهة واحدة، رغم أن القانون يفرض ضمان تكافؤ الفرص وتوسيع دائرة الوصول للطلبيات العمومية.
وتتابع لجنة الطلبيات العمومية هذه الملفات بكثير من الحزم، إذ أظهرت التحقيقات الأولية وجود معايير تقنية لا علاقة لها بالحاجيات الفعلية للمشاريع، إضافة إلى مؤشرات قوية على وجود تضارب مصالح في بعض الحالات.
وتشير المصادر إلى أنّ ما يجري اليوم قد يفتح الباب لمرحلة جديدة من تشديد الرقابة على منظومة الصفقات العمومية، وإعادة فحص عدد من الممارسات التي تحوّلت إلى آليات منهجية للتحكم في مسار المنافسة وإفراغها من مضمونها.














