الصحافة _ ألف بوست*
خلال عيد العرش الأخير، أعلن الملك محمد السادس عن تعيين لجن للإشراف على نموذج تنموي جديد، لكن مرت الشهور، والجميع في انتظار تعيين اللجنة، وقد تتحول الى ما يشبه السؤال المعلق الى الأبد: أين الثروة؟
ويعيش المغرب أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة تتمثل في مظهرين أساسيين، الأول وهو الفوارق الطبقية التي لم يشهدها الوطن منذ الاستقلال الى يومنا هذا، والمظهر الثاني يتمثل في ارتفاع المديونية الداخلية والخارجية الى مستويات لم تشهدها البلاد وهو ما يرهن ها الجيل والأجيال المقبلة.
واعترفت الدولة بفشل أو على الأقل قصور النموذج التنموي السابق الذي لم ينح في زحزحة المغرب عن مراكز مخجلة في سلم التنمية البشرية علميا باحتلاله مراكز العشرين ما بعد المائة، ثم فشله في تطوير معيشة الشعب المغربي. ولتجاوز هذا الوضع الصعب، اعترف الملك بفشل النموذج التنموي واقترح ضرورة بلورة نموذج تنموي جديد وإنشاء لجنة لهذا الغرض، وذلك خلال خطاب العرش نهاية يوليوز الماضي.
ومن ضمن ما جاء في الخطاب حول هذه اللجنة، “لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية؛ وإنما هي هيأة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن”، بعد أن أكد أن تركيبتها ستشمل “مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوفر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا”.
ومرت أربعة شهور حتى الآن ولا أثر للجنة الموعودة، وكان المنتظر أن تأسيس اللجنة سيكون مباشرة بعد الخطاب الملكي بحكم أن مشروعا مماثلا يفترض أن تكون سبقته نقاشات وابحاث واستعداد للانتقال مباشرة الى مرحلة التنفيذ، لكن هذا لم يحدث.
والمفارقة أن المقترح الملكي لم يرافقه أي نقاش وسط الفاعلين السياسيين والثقافيين والاقتصاديين، هناك قصور وعجز من محيط الملك بسبب التكوين الهش للكثير من المستشارين الذين لا ينفتح أحد منهم على الرأي العام لتقديم شروحات، وهناك قصور من طرف غالبية النخبة المثقفة بحكم غياب دراسات واقعية للتنمية وانتشار دراسات الماركتينغ الرخيص التي ترضي السلطة، بينما الأصوات الجريئة يعمد المخزن إلى تهميشها، وهي التي كانت تنادي منذ سنوات بفشل النموذج التنموي وتطالب بالبديل.
وفي ظل تجارب سابقة، كل المعطيات تفيد بأن إنشاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي سيكون بمثابة السؤال المعلق الى الأبد: أين الثروة؟.