الصحافة _ كندا
خلف عناوين الأزمات اليومية في قطاع الصحة، يظل هناك جانب مسكوت عنه يشكل تهديداً صامتاً للمنظومة الصحية ولحق المواطنين في الولوج إلى العلاج، يتعلق الأمر ببراءة الاختراع (le brevet) في مجال الأدوية.
هذه الشهادة، التي يفترض أنها تكافئ البحث العلمي وتشجع الابتكار، تتحول عملياً إلى أداة احتكار تمتد لعشرين سنة كاملة، تمنع خلالها تصنيع الأدوية الجنيسة أو المماثلة البيولوجية (biosimilaires). النتيجة واضحة: الأسعار تبقى مرتفعة بشكل خانق، والدواء يظل بعيد المنال عن فئات واسعة من المرضى.
الأرقام صادمة: 150 دواء فقط، من أصل أكثر من 7000 دواء متداول في السوق الوطنية، تلتهم 57% من تعويضات التأمين الإجباري عن المرض (AMO). أما الأدوية التي يتجاوز سعرها 10.000 درهم للعلبة، فهي وحدها تستحوذ على 17% من التعويضات. ومعظم هذه الأدوية محمية ببراءات اختراع، كثير منها يعتبره خبراء “تعسفياً” أو غير مبرر، ما يحرم المغرب من خيار إدخال البدائل الجنيسة الأرخص ثمناً.
هذا الوضع لا يثقل فقط كاهل المرضى وأسرهم، بل يستنزف أيضاً مالية أنظمة الحماية الاجتماعية ويهدد توازنها على المدى البعيد. أما حملات تخفيض أسعار بعض الأدوية التي تتغنى بها الحكومة، فهي أشبه بمسكنات إعلامية لا تغير شيئاً من جوهر المشكلة، ما لم يُفتح ملف براءات الاختراع على الطاولة بشجاعة وجرأة سياسية.
إن مواجهة أزمة الصحة في المغرب لن تكون كاملة من دون كسر جدار الصمت حول براءات الاختراع، والانتقال نحو سياسة دوائية عادلة توازن بين تشجيع البحث العلمي وحماية الحق الدستوري في العلاج.