بقلم: عبد الغني الموساوي
أخيرا خرجت الأرانب الخمسة عن صمتها و ابتعدت عن التكرار و تمجيدها للأطلال و وجدت ضالتها في التدخل الأجنبي و البرلمان الأوروبي كمادة دسمة لترقع خطاباتها الرثة و تملأ بها ما تبقى من الوقت الذي يسبق المهزلة ، بحديثها عن الوطن والتجاوزات الخارجية في شؤونه ، معتبرة ما طرح فوق طاولات البرلمان الأوروبي و ما نوقش في حديثهم عن الحريات و الشأن الداخلي ، تعديا و تسللا واضحا على الحكومة و استفزازا للشعب الجزائري ، متناسية تماما ما ترتكبه من تجاوزات في حق شعبها .. سباق الأرانب قد بدأ، سباق نحو كرسي الرئاسة.
و متى فازت الأرانب بسباقاتها ؟ أو لم تخسر بالأمس أمام سلحفاة هرمة.
فكيف تجرأت و رفعت سقف رهاناتها ،هي اليوم تراهن في سباقها على صمود و تجلد شعب حر يملك من التصميم والطموح ما تملكه هي من عناد و تعنت.
بعد أن صادق البرلمان الأوروبي في الأسابيع المنصرمة بالأغلبية، على قرار يدين ما وصفها بـ”انتهاكات حقوق الإنسان” في الجزائر معبرا في بيان طويل عن قلقه من وضعية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الجزائر، منددا بالاعتقالات التعسفية وغير القانونية التي طالت صحافيين، ونقابيين، ومحامين، وطلبة، ومدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى متظاهرين سلميين يشاركون في الحراك.
أثارت هذه النقطة جدلا كبيرا بكل الأوساط، حيث أصبح كل مرشح يتخذ من بطاقة البرلمان الأوربي وسيلة لملأ رصيده الفارغ من الوطنية التي صار الجميع يتغنى بها و يرتديها متى أحب و يحرقها إن تطلب الأمر.
وطن و وطنية صارت اليوم تستعمل بكل خطاب و بكل سطر، غدت مجرد مفتاح للمرور إلى عقول بعض الجهال و التجول بها و العبث بالأفكار و توجيه و تشتيت الرأي .
تناسى الأرانب كل ما حدث و لازال يحدث من تصعيد كل جمعة و كل ثلاثاء ،صباحا مساءا و حتى بظلام الليل لازال يناضل الشعب الحر لأجل نقل صوته و التعبير عن مطالبه الأساسية .
تناسوا ما يحدث و راحوا يدلون بدلوهم بالشواطئ الأوروبية التي كل ماقامت به أنها رفعت الستار عن شمس الحقيقة.
الحقيقة التي يعرفها الجميع و يفهمها العالم بأسره إلا الأرانب التي لازالت نائمة أو تتظاهر بذلك في حين يواصل الشعب مسيرته نحو خط الحرية..
حقيقة تحاول السلطة بإتحادها مع القيادة العسكرية إخفاءها بتسخير كل الوسائل الإعلامية و تجنيد بعض الحمقى بالشارع وحتى بمواقع التواصل الاجتماعي ، لتبارك كل خطوة تقوم بها المنظمة العسكرية . برامج و حوارات تبث على قنوات الانحطاط تلاحق العقول بنشرها لأخبار ووقائع و وعود كاذبة و برامج اقتصادية لا تقدر عليها دول كبرى تعيش الاستقرار،فما بالك بالجزائر في الوقت الراهن و هي تتخبط في أزماتها من كل جهة و تعيش على جرعة بترول معرضة للزوال في أي لحظة ..
ها نحن اليوم بالجمعة 42 و ها هي ذي المسيرة قد بدأت
مسيرة الحرية التي يقودها شعب ، مؤمن بإرادته في تحقيق مبتغاه و الوصول إلى أهدافه و اختيار الأمثل لقيادة وطنه بعيدا عن الانتخابات المزورة تحت شعار لا انتخابات مع العصابات انتخابات مستنسخة عن التجربة التسعينية القديمة للعهد البوتفليقي . الشعب اليوم فهم كل شيء ، و الخطأ و الكذبة لا تمر مرتين إلا على الغبي .. إلا على من سلم عقله لشاشات الإستحمار ..
انتفض الشعب في جمعته 42بشبابه بشيوخه بنسائه و أطفاله بكل الولايات مناشدا بالحرية لمعتقلي الرأي هاتفا بتحقيق مطالبه الأساسية غير آبه لخطابات رئيس الأركان و لا الأوصاف التي يصفها بهم حيث صارت المسيرات المليونية السلمية في نظره مجرد ورقة أخيرة في يد العصابة.
من بين الملايين صار قائد الأركان الذي كان بالأمس يبارك النظام البوتفليقي رغم فساده، صار اليوم يدعي الوطنية.
متى شاهدت بشريا يعيش وسط الذئاب إلا إذا كان ماوكلي بنسخة جزائرية ..
أو ليس هو من كان وسط قطيع الذئاب بالأمس.. يأكل مما يأكلون.. و يعبث كما يعبثون ..
نسي كل شيء و صار اليوم الوحيد الذي يفكر في مصلحة الوطن مشيرا بأصبع الاتهام إلى شعب يصرخ بالحرية
بين هذا وذاك يبقى الإشكال مطروحا ..
بين الشعب والسلطة بدعم من القيادة العسكرية فاصل بل تاريخ وحيد .. 12 ديسمبر 2019 ؟ سيناريوهات كثيرة متوقعة ، ويبقى لهذا التاريخ سيناريو مجهول.