الصحافة _ وكالات
أبدا لم تكن الأسلاك الشائكة على حدود سبتة مع المغرب، بهذا العدد والحجم كاليوم.
وبدون أن تقوم وزارة الداخلية الإسبانية بتعديل سنتيمتر واحد من السياج لجعله أقل ضرراً -وهو التزام قاله، فرناندو غراندي مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، قبل ستة عشر شهراً -اتخذت الرباط كل هذا الوقت لإنهاء تطويق الحدود لمسافة ثمانية كيلومترات من محيطها بسياج داخل أراضيها السيادية. تمهيدا لنزع إسبانيا الأسلاك الشائكة من سور سبتة، في الأعمال التي من المتوقع أن تبدأ قبل نهاية العام.
والنتيجة أن المفارقة الحاصلة، هي أن التقسيم الذي يفصل مدينة سبتة التي تحلها إسبانيا عن وطنها الأم المغرب، هو غابة من الأسلاك، على عكس الالتزام بحقوق الإنسان والسلامة البدنية للمهاجرين.
ما يبعث على القلق، وفقا لتقارير إسبانية، هو الأمر الذي ينشأ في محادثات القوى السياسية والأمنية، قبل تنزيل النظام المستقبلي للحدود، بحيث لا يعرف بما ستستبدل إسبانيا شفرات السياج، للحد من تدفق المهاجرين.
وأمام هذا القلق، تشعر إسبانيا بالارتياح، بعد أن قامت الرباط بتركيب خط دفاع جديد، بحيث لم يعجب المغرب، على الإطلاق أن حكومة إسبانيا، التي وصلت حديثًا، كانت قد قررت من جانب واحد نهاية تلك الشفرات، ومن ثم اتخذت الرباط الإجراءات وأمرت برفع سياجها.
وإذا كانت الأعمال على السياج الإسباني قد تباطأت في انتظار المغاربة لإنهاء حاجزهم المدعم بالأسلاك الشائكة، فهذا شيء لم تعترف به الحكومة الإسبانية.
وفي الاجتماع السابع مع نظيره المغربي، منذ شهر، عندما سئل وزير الداخلية الإسباني، عن هذا السور، قال مارلاسكا من الرباط، “نحن نحترم تمامًا سيادة السلطات المغربية على حدودها”.
إن نشر هذا السياج الجديد على الأراضي المغربية، يسلط الضوء على الدور المتزايد والمهم للمغرب كحارس للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وسيطرة الرباط على الهجرة غير النظامية التي تطلبها بروكسل ومدريد.
وليس من المستغرب، وبصرف النظر عن تثبيت هذا الحاجز، الذي لا يزال يتعين إكماله على بعد بضعة أمتار في الطرف الجنوبي من الحدود، بناء المنحدرات عند سفحها في المناطق الأكثر ضعفا، تلك التي تحدث عادة فيها هجومات المهاجرين، بالإضافة إلى تشييد طرقات في الحدود؛ حتى تتمكن مركبات القوات المساعدة من التحرك بسرعة على طولها، كما تم إضافة حراسة جديدة لمضاعفة المراقبة.
السور الجديد لا يعمل بالتوازي مع السور الإسباني، لكن هناك أقسام يدخل فيها الأراضي المغربية من أجل كبح المهاجرين، حيث يكون أكثر ملاءمة للحراس الذين يحرسون الحدود.
ويبلغ ارتفاعه ما بين 2.5 و3 أمتار، مثل السياج الذي كان في سبتة حتى عام 1999، مما يجعل من السهل تجاوزه، على الرغم من أن مصادر إسبانية، تؤكد أن وظيفته الأساسية لن تنجح مئة بالمئة في كبح مجموعات المهاجمين، لكنه سيعرقل مرورهم “الدقائق الأربع أو الخمس التي تحتاج فيها القوات المساعدة إلى التدخل”.
ويعتبر المغرب بالنسبة لسلطات مدريد، حليفا مخلصا وفعالا، في البحر الأبيض المتوسط، حيث توقف الدولة المغربية الآلاف من محاولات عبور المهاجرين للساحل، وتنقذ مواردها البحرية المزيد والمزيد من القوارب في ظل الإغاثة التدريجية للإنقاذ البحري، بحيث أن النتائج لا جدال فيها، فأرقام الوصول لإسبانيا بطريقة غير نظامية، انخفضت إلى النصف مقارنة بالعام الماضي.
وهذا التعاون له ثمنه، كما هو معروف، ويصل إلى 140 مليون دولار مدفوعة من أوروبا، بالإضافة إلى تدريب المغاربة في مجال الصحة والسياحة وبرنامج لطلاب الجامعات لإنهاء دراساتهم في إسبانيا.
وتم إصدار 70 مليونًا بالفعل للمعدات -40 تتم إدارتها من خلال المؤسسة الدولية والأيبيرية الأمريكية للإدارة والسياسات العامة (FIAPP) و30 للمركز الدولي لتطوير سياسة الهجرة -و70 مليون أخرى للدعم المباشر لميزانية الرباط، والتي دفعت آخر حصة منها في الـ 30 من تموز/ يوليو/ الماضي.
احتمال دفع السور المغربي، من الأموال الأوروبية سوف يتصادم وجهاً لوجه مع الأصوات التي تصدح من بروكسل، والرافضة لاستخدام سلك الشفرات، حالة الرئيسة السابقة للداخلية بالمفوضية الأوروبية، سيسيليا مالمستروم، التي أكدت أن هذه الأسلاك لم تمنع المهاجرين من الدخول.
وساهم حلم القفز إلى سبتة ومليلية ومن هناك إلى أوروبا في مضاعفة عدد سكان المدن المغربية المتاخمة للحدود، تطوان والناظور، بحيث يخشى المغرب من أن سحب إسبانيا أداة الردع التي تمثل في الأسلاك، بحيث يجذب ذلك المزيد من “مرشحي الهجرة” -وهو المصطلح الذي تستخدمه الرباط -ومن شأن ذلك أن يزيد من تعقيد بقاء الحدود الشمالية محفوفة بالمخاطر.