الصحافة _ كندا
رسمت وكالة Europa Sur الإسبانية، في تحليل مطول، صورة جديدة للمغرب كقوة صاعدة تتجاوز حدود موقعه الجغرافي التقليدي، لتتحول إلى ورقة محورية في لعبة التوازنات الدولية على ضفاف مضيق جبل طارق.
تصف الوكالة المغرب بأنه لم يعد مجرد دولة عبور أو شريك متوسطي عادي، بل بات رقماً صعباً في حسابات القوى الكبرى، من واشنطن إلى بروكسيل، ومن تل أبيب إلى أبوظبي، وحتى موسكو. ذلك أن الرباط استطاعت، بفضل موقعها الاستراتيجي وسياستها الخارجية الهادئة، أن تحجز لنفسها مكاناً بين الفاعلين المؤثرين في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
وتشير الوكالة إلى أن فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شكّلت نقطة تحول، حين وضعت واشنطن ثقتها الكاملة في المغرب كحليف أمني وعسكري في المنطقة. خلال هذه الفترة، عقدت الرباط صفقات تسلح ضخمة مع البنتاغون تفوق 8.5 مليار يورو، شملت أنظمة HIMARS وصواريخ Harpoon F-84L وطائرات F-16 المتطورة، إلى جانب مروحيات أباتشي وشينوك.
في المقابل، تواصل روسيا دعم الجزائر، في توازن إقليمي بدأت معالمه تتحول بشكل متسارع، خاصة بعد تعزيز التنسيق الدفاعي بين الرباط وواشنطن.
من جهة أخرى، يمد المغرب نفوذه بهدوء نحو الخليج العربي، حيث توطدت علاقاته الاقتصادية بشكل ملحوظ مع الإمارات والسعودية وقطر والكويت، خصوصاً في قطاعات الطاقة والنقل والاتصالات والأمن الغذائي. وتذكر الوكالة أن أبوظبي تُعد من أكبر المستثمرين الأجانب في المغرب، وتدعم بقوة الموقف المغربي في قضية الصحراء، في مقابل توتر علاقاتها مع الجزائر.
وفي قراءتها للسياسة الخارجية المغربية، تؤكد Europa Sur أن الرباط تتصرف بذكاء وواقعية، مستفيدة من تقاطع المصالح الإقليمية والدولية، دون الانخراط في المحاور الصدامية. فهي تنسج علاقاتها وفق مبدأ التعددية والبراغماتية، بما يجعل منها وسيطاً موثوقاً في القضايا المعقدة داخل المتوسط والشرق الأوسط.
وخلصت الوكالة إلى أن المغرب لم يعد دولة حدود، بل دولة تصنع الحدود السياسية الجديدة في المنطقة، لتختم تقريرها بتحليل لافت: “المغرب لا يلعب على طاولة واحدة… بل يُعيد ترتيب الطاولات”.