الصحافة _ كندا
يشهد سوق السيارات بالمغرب تحوّلًا عميقًا في موازين القوى بين المصنعين العالميين، مع بروز غير مسبوق للعلامات الصينية والهندية على حساب الهيمنة التقليدية للماركات الأوروبية. أرقام مبيعات يونيو 2025، وفق معطيات جمعية مستوردي السيارات، تكشف عن قفزة نوعية في حضور شركات آسيوية مثل BYD، Geely، Chery، وGreat Wall، التي باتت تنافس بقوة في سوق يعرف طفرة في الطلب على السيارات الكهربائية والهجينة.
وفي الوقت الذي سجل فيه السوق الوطني ارتفاعًا عامًا بنسبة 34.4% في مبيعات السيارات السياحية مقارنة بيونيو 2024، انتقلت المبيعات من 15.855 إلى 21.309 وحدة، متأثرة إيجابًا بتوسع العروض التمويلية، وتزايد الإقبال على السيارات الاقتصادية، وتعزيز الثقة في التكنولوجيا الصينية والكورية.
أبرز مفاجآت السوق تمثلت في الأداء الصاروخي للعلامة الصينية BYD، التي قفزت من 11 سيارة فقط في يونيو 2024 إلى 412 سيارة في يونيو 2025، محققة نموًا تجاوز 3645%. ويعكس هذا الإنجاز تحوّلًا حقيقيًا في سلوك المستهلك المغربي، المدفوع بارتفاع أسعار المحروقات والوعي البيئي المتزايد، فضلًا عن ثقة متنامية في العلامات الجديدة ذات التكنولوجيا المتقدمة والأسعار التنافسية.
الشركات الصينية الأخرى لم تكن بعيدة عن هذا التحوّل، إذ سجلت Geely مبيعات بلغت 151 وحدة، وGreat Wall وصلت إلى 96 وحدة، بينما سجلت Chery وOmoda وJaecoo حضورًا متناميًا في السوق. كما التحقت ماركات واعدة مثل Zeekr بهذا الزخم، مدفوعة بجودة خدمات ما بعد البيع والعروض الذكية.
في الصدارة، تواصل داسيا فرض هيمنتها على السوق المغربي، محققة مبيعات بلغت 5.613 وحدة، مقابل 4.507 في يونيو 2024، بحصة سوقية تناهز 26.34%. هذا الأداء يعزز مكانة داسيا كخيار مفضل للطبقة المتوسطة الباحثة عن الجودة والاقتصاد.
أما العلامات الكورية، فقد عززت مواقعها بقوة: هيونداي رفعت مبيعاتها من 1.147 إلى 1.623 سيارة، وكيا من 451 إلى 662 وحدة، مما يعكس استقرارًا في ثقة المستهلك المغربي بهذه العلامات.
في المقابل، تحاول الماركات الأوروبية التقليدية الصمود، إذ سجلت رونو وبيجو أداءً إيجابيًا، الأولى بانتقال مبيعاتها من 2.657 إلى 4.322 وحدة، والثانية من 829 إلى 1.494 وحدة. كما ارتفعت مبيعات فولكسفاغن وأودي، ولو بوتيرة أبطأ.
العلامات اليابانية عرفت أداءً متفاوتًا، حيث سجلت تويوتا تحسنًا من 340 إلى 403 وحدة، ونيسان من 75 إلى 95 وحدة، في حين تراجعت ميتسوبيشي وسوزوكي إلى مستويات غير دالة.
وإلى جانب الزخم الصيني، بدأت العلامات الهندية في التقدّم بثبات، مثل Mahindra التي رفعت مبيعاتها من 4 إلى 21 وحدة، وTata التي تدخل السوق بخطى محسوبة.
بالمقابل، تراجعت مبيعات ماركات أمريكية وأوروبية، مثل فورد التي سجلت تراجعًا حادًا بنسبة 91.8%، وفيات التي فقدت نصف مبيعاتها، ما يطرح تساؤلات حول استراتيجيات هذه الشركات في مواجهة المنافسة الجديدة.
هذا التحول في بنية السوق يعكس توجّهًا استراتيجيًا جديدًا في المغرب، نحو مركبات أكثر كفاءة وابتكارًا واستدامة. ويبدو أن السوق المغربي مرشح ليكون نقطة ارتكاز للعلامات الآسيوية في إفريقيا، في سياق توجه المملكة نحو الطاقات النظيفة والنقل المستدام.