القرار الأممي 2797… ميلاد مغرب كبير جديد أم آخر فرصة للسلام المغاربي؟

6 نوفمبر 2025
القرار الأممي 2797… ميلاد مغرب كبير جديد أم آخر فرصة للسلام المغاربي؟

الصحافة _ كندا

أحدث القرار رقم 2797 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر 2025، منعطفًا تاريخيًا في مسار النزاع حول الصحراء المغربية، إذ لم يكتفِ بإعادة تثبيت الموقف الدولي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، بل أعاد رسم خريطة النفوذ الإقليمي في شمال إفريقيا، فاتحًا الباب أمام دينامية سياسية غير مسبوقة في العلاقات بين المغرب والجزائر.

في الرباط، جاء الموقف الملكي متزنًا ومعبّرًا عن رؤية استراتيجية بعيدة المدى. الملك محمد السادس، في خطابه الأخير، مدّ اليد مجددًا نحو الجزائر، مؤكدًا أن مستقبل المنطقة المغاربية لا يمكن أن يُبنى على القطيعة، بل على التعاون والاحترام المتبادل. هذه الإشارة الملكية لاقت صدى دوليًا واسعًا، واعتُبرت من قبل العديد من المراقبين بداية مرحلة جديدة من “الدبلوماسية الهادئة” المغربية التي تراهن على الحوار كقوة ناعمة بديلة عن لغة التوتر.

وفي المقابل، أبدت الجزائر نبرة أكثر حذرًا وواقعية، إذ تجنبت التصعيد الإعلامي المعتاد، وركزت على لغة دبلوماسية أكثر مرونة، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها بداية إدراك رسمي في الجزائر لكلفة الاستمرار في الصراع، ليس فقط سياسيًا، بل اقتصاديًا واجتماعيًا. ويشير تقرير نشرته منصة Financial Afrik إلى أن وساطة أمريكية غير معلنة ساهمت في تقريب وجهات النظر، وتشجيع الطرفين على استكشاف مسار حوار تدريجي يفضي إلى تفاهمات متبادلة حول قضايا الأمن الإقليمي والتنمية المشتركة.

هذه التحولات الإقليمية تضع تونس بدورها أمام اختبار سياسي جديد، بعد أن فقدت كثيرًا من رصيدها الدبلوماسي عقب استقبالها لزعيم جبهة البوليساريو في 2022، وهو موقف أضعف حضورها في الساحة المغاربية والدولية. واليوم، تجد تونس نفسها مطالَبة بإعادة صياغة سياستها الخارجية على أسس واقعية، تتماشى مع المتغيرات الجديدة التي تكرس الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء.

من زاوية أوسع، يُظهر القرار الأممي 2797 أن العالم بات يقرأ خريطة المنطقة بعين جديدة، قائمة على الواقعية السياسية لا على الشعارات القديمة. الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، وبريطانيا، كلها دول تدعم المقاربة المغربية، بينما تتبنى الصين وروسيا موقف الحياد الإيجابي الذي يحترم سيادة المغرب ويقر بجدوى الحل السياسي الواقعي.

هذه اللحظة التاريخية قد تكون بداية ميلاد “مغرب كبير جديد” — مشروع تكاملي يتجاوز حدود الأيديولوجيات ويستثمر في المشتركات الاقتصادية والثقافية بين دول المنطقة. فبأكثر من 100 مليون نسمة، وموارد طبيعية ضخمة، وموقع جيوسياسي استراتيجي، يمتلك المغرب الكبير كل مقومات التحول إلى قوة إقليمية مؤثرة، شرط توفر الإرادة السياسية والرؤية المشتركة.

لقد استخدم الصراع حول الصحراء لعقود كذريعة لتعطيل الاتحاد المغاربي، وتبرير الفشل الداخلي، وإلهاء الشعوب عن معاركها الحقيقية: الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، والتنمية. اليوم، القرار 2797 يُسقط هذه الذريعة، ويمنح شعوب المنطقة فرصة تاريخية لإعادة كتابة مستقبلها بمداد الوحدة لا الانقسام.

إنها لحظة الحقيقة في المغرب الكبير. إما أن تكون بداية نهضة مغاربية شاملة، أو آخر فرصة تضيع في ركام الحسابات الضيقة. لكن المؤكد أن التاريخ سيذكر أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، كان أول من فتح الباب نحو المصالحة، وآخر من فقد الأمل في بناء مغرب متكامل قوي بشعوبه وموحد في رؤيته للمستقبل.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق