الصحافة _ كندا
في موقف يعاكس الرواية الحكومية “المتفائلة”، فجّرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان جدلاً واسعًا ببيان ناري بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفقر، هاجمت فيه لغة الأرقام التي تتحدث بها الحكومة حول “تراجع الفقر”، معتبرة أنها “تجمّل الواقع ولا تغيّره”.
العصبة قالت بصراحة إن “الفقر في المغرب لم يتراجع، بل تغيّر شكله فقط”، مؤكدة أن ملايين المغاربة “ما زالوا يعيشون تحت خط الكرامة، وليس فقط تحت خط الفقر”. واستدلت المنظمة الحقوقية بمعطيات المندوبية السامية للتخطيط التي تحدثت عن تراجع نسبة الفقر من 11.9 إلى 6.8 في المئة، لكنها علّقت على هذه الأرقام بعبارة قاسية: “الأرقام الرسمية لا تُشبع جائعاً، ولا تُعالج مريضاً، ولا تُنقذ طفلاً من الهدر المدرسي”.
واعتبرت العصبة أن المشكلة ليست في الأرقام، بل في “المنطق الذي يقيس التنمية بالمعدلات لا بالعدالة”، مبرزة أن 72 في المئة من الفقراء يعيشون في العالم القروي، في مناطق محرومة من أبسط مقومات الحياة، حيث الطريق والمدرسة والمستوصف ما تزال امتيازات وليست حقوقاً.
البيان الذي جاء في نبرة تحذيرية قوية، وصف الفقر في المغرب بأنه “انتهاك صريح للكرامة الإنسانية” وليس مجرد عوز مادي، منتقداً بشدة السياسات الحكومية التي “توزّع الوعود وتُبقي الامتيازات حكراً على فئة قليلة”. وقالت العصبة إن الفقر في المغرب أصبح “نتاج منظومة اقتصادية واجتماعية تُكافئ الريع وتُعاقب الكفاءة”.
وأضاف البيان أن ما تسميه الحكومة “البرامج الاجتماعية” لم يغيّر شيئاً في الواقع، لأن “المقاربة التقنية” لا تعالج الجرح العميق الذي اسمه غياب العدالة الاجتماعية، داعياً إلى “إعادة هندسة شاملة للسياسات العمومية” تقوم على الحقوق لا على الإحسان، وعلى التمكين لا على المساعدات الظرفية.
كما شددت العصبة على أن المعركة الحقيقية ضد الفقر تبدأ من المدرسة والمستشفى وسوق الشغل، لا من المنابر والمؤتمرات، مشيرة إلى أن “الاستثمار في الطفولة والتعليم والصحة هو الكفيل بتحرير المغاربة من دوامة الفقر الموروث”.
وفي الجانب المطلبـي، طالبت العصبة بإعادة توجيه الميزانية نحو القطاعات الاجتماعية الحيوية، وفرض عدالة جبائية حقيقية تضع حداً للإفلات الضريبي، معتبرة أن “كل درهم يُهدر في الفساد هو وجبة تُنتزع من فم فقير، ودواء يُسحب من مريض، وفرصة تُضيّع على شاب”.
واختتمت العصبة بيانها برسالة سياسية قوية قائلة: “لا تُقاس التنمية بعدد الأبراج الزجاجية في المدن الكبرى، بل بعدد الابتسامات في القرى الفقيرة”، مؤكدة أن “القضاء على الفقر لا يكون بالإحصاءات، بل بإرادة سياسية تضع الإنسان في قلب المعادلة، وتجعل من الكرامة حقاً لا منّة”.