بقلم: مصطفى الشناوي*
قامت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد بتصرف فردي طائش وأرعن وذلك بانقلابها على قرارات الحزب ومواقفه والتزاماته وبدون الرجوع إلى مؤسساته.
ويتمثل هذا التصرف في ذهابها إلى وزارة الداخلية لسحب إسم الحزب الاشتراكي الموحد من التصريح الذي وُضِعَ قبل 15 يوم لتأسيس تحالف انتخابي للأحزاب الثلاثة المكوِنة لفيدرالية اليسار الديمقراطي، وهي: المؤتمر الوطني الاتحادي والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والاشتراكي الموحد .
بخصوص هذا التصرف أدلي بالملاحظات والمواقف التالية :
1. حسب القانون الأساسي ل PSU لا يحق بتاتا للأمينة العامة أن تقوم بسحب إسم الحزب من التصريح بتحالف الأحزاب الانتخابي للأسباب التالية:
* أولا لأن الانتخابات من القضايا الثلاثة المشتركة للفيدرالية ( بالإضافة إلى المسألة الدستورية والوحدة الترابية)، بحيث لا يحق لحزب أن يقرر وحده بخصوصها، إلا إذا كان هدف الأمينة العامة الحقيقي من وراء تصرفها الأرعن هو التراجع عن ميثاق الفيدرالية الموقّع سنة 2014 وهو مايعني وبشكل ملتوي الخروج من فيدرالية اليسار الديمقراطي، وبالتالي التخلي عن مشروع الحزب اليساري الكبير أمل المغاربة. وهذا الخطأ الجسيم ستتحمل فيه الأمينة العامة مسؤولية تاريخية كبيرة لا يمكن مسحها بمساحيق الكلام الشعبوي الفضفاض وغير العقلاني الممزوج بدغدغة عواطف من لا يزال يجهل الحقيقة.
* ثانيا، وإذا افترضنا أن هناك دواعي لمراجعة قرار الدخول في تحالف أحزاب، كان يجب على الأمينة العامة أن ترجع إلى مؤسسات الحزب التي لها وحدها فقط دون غيرها الصلاحية في اتخاذ مثل هذا القرار الكبير والخطير. ويتعلق الأمر بالمؤتمر الوطني أو بالأحرى المجلس الوطني ل PSU الذي لم تُرِد الأمينة عقده مند سنة ونصف وهي في نفس الوقت تطالب الدولة بالديمقراطية وإقرار دولة الحق والقانون…!!! بل إنها لم تستشر من معها في المكتب السياسي إلا قبل يومين أي يوم الإثنين الماضي بعدما افتضح أمرها في اجتماع الهيئة التنفيذية للفيدرالية التي تضم الأحزاب الثلاث، لأنها قررت لوحدها واستشارت مع من استشارت معه وأرسلت مرسولها لوزارة الداخلية دون علم المكتب السياسي، وقررت كذلك عدم طرح موضوع السحب مع رفاقها في المكتب السياسي.
وكانت مضطرة لجمع المكتب السياسي لتمرير موقف السحب، لكن العديد من الأعضاء رفضوا وتشبتوا بالتحالف الثلاثي والبعض تحفظوا والبعض سايروا الأمينة العامة في رعونتها وخرقها للقانون والمؤسسات. و في ختام الاجتماع لم يتم اتخاذ قرار واضح باسم المكتب السياسي. وبالرغم من ذلك تجاوزت الأمينة كل الحدود وفرضت الأمر الواقع على أعضاء المكتب السياسي وتكلمت باسمهم رغم عدم رضى أغلبيتهم عن تصرفها الطائش. ومنهم من عبر عن ذلك بامتعاض كبير .
* ثالثا ، الأمينة العامة ليست هي ال PSU ، وللحزب مناضلات ومناضلين وفروع وأجهزة محلية وإقليمية وجهوية ووطنية وقطاعية وشبابية . نحن ال PSU من ضحينا وعملنا مند أواخر التسعينات من أجل تجميع فصائل وقوى اليسار من أجل بناء الحزب اليساري الكبير القادر على تغيير موازين القوى في اتجاه الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، ولم تكن هي حاضرة آنداك. فالحزب الاشتراكي الموحد وقبله اليسار الاشتراكي الموحد، بناه جميع اليساريون المتشبعون بقيم اليسار وساهموا في الحفاظ على خطه النضالي الكفاحي وقاموا بتحصيينه والدفاع عن وحدته، فلن نترك اليوم من يريد الانفراد به أو تخريبه أو تدميره أو استغلاله للوصول لأغراضه الشخصية.
مع الأسف، لم تبقى المبادئ هي المرجع ولم تضحى هي المحفز ، ولم يبقى العمل من أجل إنجاح مشروع توحيد مكونات اليسار والحزب اليساري الكبير هو الدافع لذى القائدة ،
بل تم التخلي عن كل ذلك و أصبح الوصول إلى الغاية يبرر الوسيلة ولو كانت خبيثة أو غير سليمة أو ضد المبادئ.
وفي هذا الإطار باح أحدهم وقال :
” قد أصبح هاجس الظفر بمقعد في مجلس النواب بطريقة سهلة من خلال وكالة اللائحة الجهوية لجهة الدار البيضاء سطات هو المحرك وهو الهدف. ومن أجل الوصول إليه يمكن أن أحرق في طريقي كل شيء وأن أحطِم كل شيء وأدمّر كل من يقف ضد هدفي الأسمى المضمون والقريب المنال مني، أنا اللي جريت وجاريت ولم أنله، أنا وحدي ووحدي فقط أستحقه، فأنا المشتاق للقبة التي سأضفي عليها حلة النبل وسأغمرها ب”علمي” وسأحميكم واحدا واحدا من السموم التي يريدون حقنها لكم…. أنا أريد لكم كل هذا، وهناك من يسعى إلى حرماني من فرصة العمر التي لن تتكرر أبدا أبدا . هناك بعض الدراري و الموسخين والبلداء والحمير يعزون في مقعد مريح انتظرته كل عمري ؟ . لا ثم لا، لن أتركهم يفعلون، سوف أخلي دار بوهم واحدا واحدا وأمحيهم إذا اقتضى الأمر وأكثر ، لأن الفرصة سانحة جدا والمقعد ثمين جدا جدا وظفري به بالنسبة لي حيوي ومصيري جدا جدا جدا ، وهذا هو الأساسي والأهم بالنسبة لي و الباقي تركته لأصحاب المبادئ والقيم والمشروع الكبير. ” انتهى البوح البئيس.
من جهة أخرى، إن تصرف الأمينة العامة مرفوض شكلا ومضمونا ولن نقبل به ولو أنها الآن منتشية بالعبث وعملية التدمير التي قامت بها البارحة. وسنخوض معركة تنظيمية وقانونية بلا هوادة لإرجاع الأمور إلى نصابها.
2. بخصوص سحب إسم ال PSU من التصريح بالتحالف الثلاثي الانتخابي المسمى فيدرالية اليسار الديمقراطي ورمزه الرسالة، فإن القانون واضح ونتمنى مِن مَن يهمهم الأمر أن يحترموا قانون الأحزاب في ما يتعلق بالتحالفات وأن يقوموا بالتأويل الإيجابي لمضامينه، بحيث أن المادة 55.1 تقول بأنه يمكن لحزبيْن سياسييْن أو أكثر أن تؤلف تحالفا فيما بينها بمناسبة الانتخابات…
إننا متشبتون بفيدرالية اليسار الديمقراطي وبمشروعها الحامل للأمل، فلن نقبل بغير الحفاظ على إسم التحالف ورمز الرسالة ، وقد نضطر إلى خوض معركة قضائية من أجل ذلك إذا اقتضى الحال.
3. يجب أن ينعقد المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد في أقرب الآجال ، وسوف نسلك جميع الطرق والآليات القانونية والتنظيمية لبلوغ ذلك الهدف، لقد طال سكوتنا حفاظا على وحدة الحزب ، لكن لقد وصل السيل الزبى ولا يمكننا الاستمرار في السكوت عن عملية التخريب والتدمير الممنهجة لحزبنا والتخلي عن ما راكمه من تجربة ومصداقية وحضور لذى المواطنين بفضل صمود ونضال ووضوح مناضلاته ومناضليه وليس بسبب الشعبوية والأنا المضخمة لذى البعض، ولن نستمر في السكوت عن خرق القانون وتهميش المؤسسات وتحييدها باعتماد التسلط والإقصاء والاستبداد والكذب والتخوين والدسائس وسلوك أساليب غير ديمقراطية لتهريب المؤسسات من أجل الانفراد بالحزب.
لن نسكت على ذلك.
فحيّ على النضال لتنقية بيتنا والعمل من أجل إنجاح مشروعنا.
وتحية لكل الصادقات والصادقين.
*مصطفى شناوي
عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد.
عضو سابق بالمكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد.
نائب برلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي